الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

احمرار في الوجه مع العرق وارتجاف في اليدين وتلعثم في الكلام

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن تفيدوني في مشكلتي وهي أني أعاني من مرض الرهاب الاجتماعي منذ 3 سنوات أخاف من الناس، وإذا جئت أتكلم يصير صوتي يرتجف وأتلعثم، ويصير وجهي أحمر وأعرق وترتجف يداي وتتسارع نبضات قلبي.

الذي أريده منكم أنكم تدلوني على العلاج النفسي والدوائي، وأنا سمعت أن هناك دواء اسمه اندرال هل ينفع لمشكلتي أم لا؟

ملاحظة: أنا ما أقدر أروح لطبيب نفساني أرجوكم ساعدوني وأدعو لكم طول حياتي، وإذا فيه دواء آكله قبل المناسبات ويأتي بنتيجة دلوني عليه.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:

فأولاً: يجب أن نتأكد أنك فعلاً تعانين من الرهاب الاجتماعي؛ لأن كثيراً من الإخوة والأخوات يختلط عليهم الأمر في بعض الأحيان، وما ذكرته من أعراض وهي الخوف من الناس وأنك تتجنبين الكلام ويحدث هناك نوع من الارتجاف والتلعثم، فهذا يدل فعلاً أن هذه الأعراض يمكن أن تُفسر في نطاق القلق الاجتماعي، والأعراض الجسدية أيضاً لديك كثيرة وهي الاحمرار في الوجه والتعرق والرجفة في اليدين، وهذه كلها ناتجة من تغيرات فسيولوجية، فهنالك بعض المواد تفرز تؤدي إلى زيادة تدفق الدم في الوجه، وكذلك تنشط الغدد العرقية وتزيد من ضربات القلب، وهذه كلها تفاعلات نفسية فسيولوجية حميدة لا تدل مطلقاً على وجود أي مرض عضوي.

إذن أساس العلاج أو النقطة الهامة في العلاج هي أن تتفهمي الأمر، أن هذا الرهاب وهذا الخوف هو نوع من القلق وليس أكثر من ذلك.

ثانياً: عليك أن تعلمي أن الأعراض التي تحسين بها من تلعثم ورجفة وخوف هي أعراض مبالغ فيها وليست حقيقية، هنالك جزئية بسيطة منها هي الحقيقية، ولكن هنالك نوع من التضخيم لهذه الأعراض من جانبك، وهذا يجعلنا نقول لك: يجب ألا تنزعجي؛ لأن الآخرين لا يلاحظونك ولا يرصدونك أبداً، وما تعتقدينه أنه تلعثم شديد أمام الناس لا يستقبله الآخرون كهذا، فهو نوع من التردد البسيط يظهر لك أنه شديد، والآخرون قد يلاحظونه بصورة بسيطة أو قد لا يلاحظونه.

إذن هذا أيضاً مفهوم علاجي ممتاز فأرجو أن تستوعبي ذلك بصورة جيدة.

يأتي بعد ذلك تمارين الاسترخاء، وهي من العلاجات السلوكية الضرورية جدّاً؛ لأن الرهاب الاجتماعي يؤدي إلى القلق والتوتر، والقلق والتوتر بالطبع ضده الاسترخاء، ولممارسة تمارين الاسترخاء عليك أن تستلقي في مكان هادئ في الغرفة وتتأملي في شيء سعيد ويكون مزاجك مزاجاً استرخائياً تاماً، ثم اغمضي عينيك قليلاً وأنت مستلقية ثم افتحي فمك قليلاً، ثم خذي نفساً عميقاً وبطيئاً واملئي صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن، وهذا هو الشهيق – بعد ذلك أمسكي الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراج الهواء بنفس القوة والبطء الذي أدخل به.

كرري هذا التمرين بمعدل خمس مرات صباحاً ومساءً، ويجب أن يستغرق التمرين عشر دقائق إلى ربع ساعة على الأقل.

التمرين الآخر هو تمرين سلوكي أيضاً وهو أن تتأملي أنك في مواقف اجتماعية تتطلب منك التفاعل والإقدام، فعلى سبيل المثال: إذا كنت في تجمع نسوي وهنالك مناسبة وطلب منك أن تقومي بدور معين أمام الآخرين كأن طلب منك أن ترحبي بالضيوف أو – على سبيل المثال – إلقاء درس بسيط في أمور النساء أو أي أمر وعظي أو توجيهي – وهكذا – تأملي هذا الموقف ويجب أن يكون التأمل أيضاً لمدة عشر دقائق إلى ربع ساعة يومياً.

بعد ذلك يأتي محاولة إقناع الذات بسخافة هذه الأعراض، فقولي لنفسك: (لماذا أخاف، فلا شيء يجعلني أخاف، فهو مجرد قلق)، ويجب أن تقارني نفسك بالآخرين الذين يتحدثون أمام ملايين الناس دون أي تلعثم ودون أي صعوبة، فلماذا أكون مثل هؤلاء.. هذا أيضاً ضروري وهام جدّاً.

أيضاً عليك أن تكثري من التواصل الاجتماعي، وحين تتحدثين مع الآخرين فحاولي أن تنظري إليهم في وجوههم ولا تتجنبي أبداً، وحاولي دائماً إذا بدأ معك أي شخص في أي موضوع أن يكون حديثك أكثر جاذبياً وأن تحسني الرد وأن تكوني بليغة في تخيرك للكلمات، وهذا بالطبع يتأتى عن طريق الاطلاع.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي.. هنالك نظرية تقول: إن القلق والرهاب الاجتماعي هو تفاعل نفسي مكتسب، ولكن يحدث أيضاً تغيرات بيولوجية في مناطق معينة في المخ، فهنالك مادة تسمى (سيروتونين Serotonin) ربما يحدث فيها نوع من النقص أو التأرجح أو الضعف في إفرازها أو اضطرابها، ولذا لابد أن نعوض هذا الضعف عن طريق تناول الأدوية، فهنالك دواء متميز وفعال يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil).

هذا الدواء أفضل من بقية الأدوية، ولذا أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة) لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً، ويفضل أن تتناوليه بعد الأكل، واستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة ونصف، وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى حبتين (أربعين مليجرام) ليلاً، واستمري على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة بمعدل نصف حبة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقفي عن الدواء.

هذا الدواء سوف يساعد في الشفاء التام خاصة إذا طبقت التمارين السلوكية السابقة الذكر.

يأتي بعد ذلك بالنسبة لعقار (إندرال Iinderal) الذي يعرف تجارياً بهذا الاسم، ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol) هو أيضاً عقار جيد، وهو يعالج الأعراض الجسدية ولكنه لا يقتلع الخوف والرهاب من أصله، ونحن نوصي باستعماله مع الزيروكسات.

إذن الزيروكسات هو العلاج الأساسي، والإندرال هو العلاج الإضافي، فأرجو أن تتناولي الإندرال بجرعة عشرة مليجرام صباحاً وعشرة مليجرام مساءً لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيه إلى حبة واحدة (عشرة مليجرام) يومياً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناوله.

وبالطبع لا مانع أيضاً من أن تتناولي الإندرال بجرعة أكبر إذا كنت لديك مهمة اجتماعية تعتقدين أنه ربما يأتيك في أثنائها الخوف، فلا مانع أن تتناولي الإندرال بجرعة عشرين مليجرام ساعتين أو ثلاث قبل دخولك في هذه المهمة الاجتماعية.

هذا كل الذي أود أن أنصحك به، والحالة بسيطة جدّاً - إن شاء الله تعالى – وبتناولك للدواء الذي وصفناه واتباع الإرشادات السلوكية السابقة سوف يتيسر لك الأمر تماماً.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وجزاك الله خيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.

وحول العلاج السلوكي للرهاب يرجى الاطلاع على هذه الاستشارات: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً