الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والحزن وعدم الثقة بالآخرين، وكيفية تجاوز ذلك

السؤال

لدي حزن وخوف وعدم ثقة من كل الناس، أتمنى أن أتغير لكن لا أعرف ماذا أعمل؟ وأخاف حتى من أتفه الأشياء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك – يا بنيتي - في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجنبك نزغات الشيطان، وأن يُذهب عنك هذا الخوف والحزن وعدم الثقة في الناس وأن يملأ قلبك سعادة وبِشْراً وسروراً وأمناً وأماناً واستقراراً.

وبخصوص ما ورد برسالتك – ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن حالتك هذه التي ذكرتها ليست طبيعية فعلاً، فإن الخوف لابد له من أسباب، والحزن كذلك لابد له من أسباب ودواعٍ - وعدم الثقة في الناس كذلك – كل هذه تدل على أن الأمور عندك غير طبيعية، وأنها تحتاج فعلاً إلى علاج؛ لأن الخوف والحزن، هذا أمر يؤلم الإنسان جدّاً ويجعل الحياة بالنسبة له مريرة، ويفقده الرغبة في الحياة، ويشعر بأن كل شيء طعمه مر، وأن كل منظر كئيب وكالح، هذه حقيقة نعم، ولذلك أقول - بارك الله فيك -:

إن هذه الحالة لابد لها من أسباب، وأنت حقيقة لم تذكري سبباً وإنما تسألين: ماذا تعملين؟ نفسك تعرفين هذا الأمر من أين جاء؟.. أقول - بارك الله فيك -:
ما من شيء إلا وله أسبابه، حتى الصحة لها أسبابها، والسعادة لها أسبابها، والأمن والأمان والاستقرار كل شيء له أسبابه، سواء كان سلبياً أو إيجابيا، سواء كان خيراً أو شرا؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل لكل شيء سبباً، فهذا الحزن وهذا الخوف لابد أن هناك عوامل أدت إليه في حياتك السابقة، أنت الآن مازلت ابنة عمر ثمانية عشر عاماً، فهل يا تُرى كانت هناك مشاكل في حياتك في فترة سابقة من عمرك انعكست عليك الآن؟! هل يا ترى هناك الآن أشياء تنغّص عليك حياتك في داخل الأسرة أو مثلاً بعض الأشياء النفسية التي تجعلك كذلك؟!

قطعاً لابد هناك من سبب، ولذلك أقول: إن العلاج يبدأ أولاً - بارك الله فيك – بعدة طرق، أبدأها بالأسهل:

أولاً: هذا الأمر لا يرفعه إلا الله سبحانه وتعالى أساساً، فأنا أتمنى منك بداية - ابنتي الكريمة – أن تتوجهي إلى الله بالدعاء، أن يخفف الله عنك هذه الأمور وأن يُذهبها تماماً، وهذا مطلوب شرعاً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (سلوا الله العافية)، وأوصانا صلى الله عليه وسلم أن نقول: (اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت)، فأنت مطالبة بالدعاء - بارك الله فيك – أن يصرف الله عنك هذه الأشياء كلها.

ثانياً: تكثرين من الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام بنية أن يعافيك الله من هذا الأمر.

ثالثاً: أتمنى أن تحافظي على الصلاة في أوقاتها؛ لأن الصلاة نور والصلاة أمن وأمان وسكينة واستقرار، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (والصلاة نور)، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (أرحنا بها يا بلال)، وكان يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، فأنت عندما تحافظين – ابنتي الكريمة – على الصلوات في أوقاتها وتحافظين عليها بأن تؤدى بطريقة فيها اطمئنان وسكينة وخشوع سوف تُذهب عنك هذه الأشياء.

رابعاً: دعاء الوالدين لك، فتطلبين من أمك - خاصة – وأبيك أن يدعوا لك بأن يُذهب الله عنك هذه الأشياء؛ لأن دعاء الوالدين للإنسان لا يرد، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن -ومن هذه الدعوات- دعوة الوالد لولده).

خامساً: أتمنى أن تبحثي عن الأسباب التي أدت لوجود هذه الحالة، لماذا أنت لا تثقي في الناس؟ هل هناك موقف معين حدث بينك وبين أحد فأخلف مثلاً الوعد معك فأصبحت لا تثقين به؟ هل هناك موقف أدى مثلاً إلى خوفك؟ لابد أن تعرفي الأسباب وتجتهدي في معرفتها قدر الاستطاعة؛ لأنه كما قيل: (إذا عرف السبب بطل العجب).. إذن أنت مطالبة – ابنتي الكريمة – أن تعرفي الأسباب، وإذا لم تجدي أسباباً فإذن معنى ذلك ننتقل إلى مرحلة أخرى وهي:

سادساً: أتمنى - بارك الله فيك – أن تحافظي على الصلوات خاصة صلاة الصبح، وصلاة الصبح بعدها أذكار الصباح، فلو حرصت على أذكار الصباح – ابنتي الكريمة – خاصة قول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة، لو واظبت على هذه المائة مرة صباحاً ومائة مرة مساءً، هذا كله سوف يتلاشى أو ينتهي بإذن الله تعالى.

إذن المحافظة على أذكار الصباح وأذكار المساء مع الدعاء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وكذلك الإكثار من الاستغفار، هذا كله علاج تستطيعين أن تقومي به بنفسك، وإذا لم تتحسن حالتك فإذن ننتقل إلى الرقية الشرعية:

سابعاً: والرقية الشرعية تستطيعين أن تسمعي إلى الرقية الشرعية، وأنتم في الكويت - من فضل الله تعالى – عندكم الكثير من المعالجين وعندكم أخوة ثقات معروفين بالعلاج، وعندكم كتب وأشرطة كثيرة موجودة، فمن الممكن أن تذهبي لإحدى المكتبات الإسلامية لتشتري كتابا عن الرقية الشرعية (كيف تعالج نفسك) أو (ارق نفسك بنفسك) أو (عالج نفسك بنفسك)، هذه عناوين كتب للرقية الشرعية، وكذلك كتاب (كيف نتخلص من الحسد) (كيف نتخلص من العين) إلى غير ذلك.

وهناك بعض الأشرطة لبعض المشايخ أيضاً فيها الرقية الشرعية، وإذا لم تجدي فعن طريق الإنترنت تدخلين على – موقع بحث - وتكتبين الرقية الشرعية تأتيك الآيات والأحاديث التي يستعملها كل المعالجين في العالم في الرقية الشرعية، فأنت ممكن أن تفعلي ذلك بنفسك، وممكن أن تفعل ذلك الوالدة لك أو الوالد أو أحد القريبين منك، وإذا لم تستطيعي ذلك فمن من الممكن أن تستعينوا بمعالج شريطة أن يكون ثقة وأن يكون معروفاً بأنه يعالج فعلاً بطريقة صحيحة وليس عنده بدع ولا خرافات ولا شعوذة ولا دجل.

إذا لم يفعل ذلك كله فأنا أنصحك أن تذهبي إلى أحد مكاتب الاستشارات النفسية عندكم، خاصة عندكم مركز الراشد، فتستطيعين أن تذهبي إليهم وأن تجلسي مع أحد الاستشاريين النفسانيين وأنا واثق بأنك ستكونين رائعة - بإذن الله تعالى – لأن الأمر إما أن يكون من الشيطان وإما أن يكون أمراً بدنياً أو نفسيا، فإذا كان من الشيطان فعلاجه كما ذكرت لك في الرقية والدعاء وغيره، أما إذا كان الأمر نفسياً أو عضوياً - وهذا ممكن جدّاً – فإن علاجه يكون عن طريق الاستشارة ومقابلة الأخصائي النفسي، فأنت - بارك الله فيك – تستطيعين أن تستعيني بعد الله بهؤلاء، وعندكم الشيخ الدكتور محمد فهد الثويني وعندكم الدكتور راشد الراشد، وصلاح الراشد والأيوب وغيره، وكثير من الأخوة المتخصصين في العلاج بالبرمجة وغيرها، وأعتقد أنك - إن شاء الله تعالى – ستكونين ممتازة، وسوف تذهب عنك هذه الأمور نهائياً بإذن الله تعالى.

أهم شيء أوصيك به الدعاء، والأمور التي ذكرتها وهو البرنامج العملي اليومي الخاص؛ لأن الله قد يدفع به هذا البلاء دون حاجة إلى رقية أو إلى أخصائيين نفسانيين، أما إذا لم تجدي فأقول لك استعملي الرقية أولاً، فإذا لم تأتِ بنتيجة فاذهبي إلى هؤلاء، وإن شاء الله تعالى ستذهب عنك هذه الحالة وتكونين ممتازة رائعة، وسعيدة ومطمئنة - بإذن الله تعالى -.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً