الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من الرعشة وتسارع نبضات القلب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي من أكثر من 10 سنين حيث إنني قبلها كنت المتحدث الرسمي باسم المدرسة، ولكن الآن لا أستطيع أن ألقي كلمة لمدة خمس دقائق، حيث إن نبضات قلبي تزيد وأتصبب عرقاً وأرتجف ويتغير صوتي، وأحس أن الناس عيونهم علي ويتكلمون عني!

وقد تطورت الحالة وأصبحت أخاف من قاعة الاختبارات حيث إن الصمت أثناء الامتحان يخيفني، وأبدأ بالرجفة والتعرق ونبضات قلبي تزيد، وغالباً ما أسلم ورقة الامتحان في وقت مبكر؛ مما أدى إلى انخفاض شديد في تحصيلي العلمي.

وأعتقد أن الحالة قد تطورت أيضاً وأصبحت حالياً أتعمد التأخير للحضور للمسجد؛ لأني أخاف أن أكون بالصف الأول خشية أن تنتفض رجلاي أو أسقط!

أنا مستغرب من نفسي! مع أني شخص اجتماعي وأحضر المناسبات وأتكلم إذا استدعى الأمر.

ولكن مشكلة الإلقاء والامتحان وحضور الصلاة تؤرقني.

ذهبت لمستشفيات عدة وصرفوا لي أدوية لم تساعدني.

قرأت عن الزيروكسات، ولم أجربه هل تنصحوني به؟ وهل فيه أدوية مساعدة تستخدم معه؟

شاكراً لكم ومقدراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Faisal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك.
فإن حالتك واضحة جدّاً وهي أنك مصاب بالقلق الاجتماعي، خاصة ما نسميه بالقلق الاجتماعي الظرفي، وأنت محتاج أولاً لأن تصحح مفاهيمك حول هذا الرهاب.

الرهاب الاجتماعي ما هو إلا نوع من القلق النفسي وهو لا يدل أبداً على ضعف في الشخصية أو خلل في الإيمان، هو نوع من الخوف المكتسب وليس أكثر من ذلك.

النقطة الثانية – وهي ضرورية جدّاً – أرجو أن أؤكد لك – وحسب التجارب العلمية – أن الآخرين لا يراقبونك وأنك لن تفشل أمامهم، فإن الإنسان الذي يمر بتجربة الخوف الاجتماعي يتصور أنه يرتجف ويرتعش أمام الآخرين أو أنه سوف يسقط أمامهم أو أن أعين الناس مسلطة عليه.

قام أحد العلماء بتصوير مرضى الخوف الاجتماعي في مواقف اجتماعية بالفيديو، وبعد تحليل هذه الأشرطة لاحظ أن ما ذكره الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي في هذه الحالات كان فيه مبالغة كبيرة جدّاً وأن الأعراض متضخمة ومتجسمة بنسبة ستين بالمائة.

إذن يأتي للإنسان الشعور الفسيولوجي الفظيع من تعرق ونبضات وتلعثم وخوف من أنه مكشوف للآخرين، هذا ليس كله صحيحاً وليس دقيقاً، فأرجو أن تصحح مفهومك في هذا الأمر.

ثانياً: العلاج السلوكي، وهو يتمثل في المواجهة، والمواجهة تكون عن طريق المواجهة في الخيال ثم المواجهة في الحقيقة.

المواجهة في الخيال هي أن تتصور نفسك في موقف اجتماعي شديد، كأن تتصور أنك تصلي بالناس إماماً في المسجد، والمسجد مكتظ بالمصلين، عش هذا الحدث بكل دقة وبكل تفاصيله، ويجب أن يستغرق تفكيرك في هذا الحدث عشر دقائق على الأقل، وهي وقت الصلاة.

انقل نفسك إلى خيال آخر كأنك تلقي محاضرة أو تقدم درساً وعرضاً لموضوع معين، عش هذا الخيال أيضاً أو تصور أنك في موقف اجتماعي آخر أمام حشد من الناس في احتفال اجتماعي أو في لقاء اجتماعي، وطلب منك أيضاً أن تقابل الضيوف وكان منهم أصحاب المناصب والمكانة في المجتمع، وهكذا عش هذا الخيال بصفة يومية لمدة أسبوعين.

ويجب أن تطبق هذه المواجهة، فواجه ولا تتراجع أبداً وتذكر أن أعراضك الفسيولوجية ومشاعرك الداخلية هي مشاعر مبالغ فيها، والأمر ما هو إلا نوع من القلق وأن المواجهة سوف ترفع معدل القلق لديك ثم بعد ذلك يتلاشى هذا القلق وهذا الخوف بإذن الله تعالى.

ثالثاً: العلاج الدوائي، وأبشرك أنه توجد أدوية فعالة وممتازة جدّاً منها عقار يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، والذي أود منك أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة) يومياً، ويفضل أن تتناوله بعد الأكل ليلاً – استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين (أربعين مليجراماً) في اليوم، تناولها كجرعة واحدة ليلاً، واستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل نصف حبة (عشرة مليجرام) كل ثلاثة أشهر، حتى تتوقف عن الدواء تماماً.

هذا الدواء دواء ممتاز وسليم وفعال وغير إدماني وليس له آثار جانبية، فقط ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، كما أنه يؤخر القذف المنوي لدى الرجال.

فأرجو أن تلاحظ هذه الآثار الجانبية، ولا تزعجك في نفس الوقت، فهي قد لا تحدث وإن حدثت فهي مؤقتة، والدواء كما ذكرت لك من أروع ومن أسلم وأبدع الأدوية.

أرجو أن تطبق الإرشادات السلوكية التي ذكرتها لك، وكذلك أرجو أن تتناول الدواء بنفس الوصفة التي أوضحتها لك، ولابد من الالتزام بتناول الجرعة في وقتها؛ لأن هذا داعٍ للتحسن والشفاء بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً