الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستعانة بالدعاء على الظفر بالزوج الصالح

السؤال

السلام عليكم.
أستاذي الفاضل! أريد أن تنصحني ماذا أفعل فيما أشعر به من ضعف اليقين في موضوع الدعاء الذي أعده ديدن حياتي، ومصدر قوتي وتوفيقي.

أنا فتاة في التاسعة والعشرين ملتزمة بالدين والحجاب منذ طفولتي، مرت بي فترة صغيرة من حياتي بعدت فيها عن رحاب الله قليلاً، ثم أعادني إليه بفضله ومنه، وأنا أدعو في موضوع الزواج منذ خمس سنين أو أكثر متحرية كل أوقات الإجابة متأدبة بآداب الدعاء، وملتزمة بالشروط قدر استطاعتي وتمر بي أوقات كثيرة في دعائي، أبكي بشدة، وأشكو إلى الله مدى إلحاح الموضوع علي، واضطراري إليه من شدة ما أجرح ممن حولي! ومن أهلي.

وتقدم لي أشخاص كثر ولكنهم كلهم غير مناسبين، أنا أكملت الماجستير في دراسة طب الأسنان وعلى وشك فتح عيادتي الجديدة، وجعلتها للنساء والأطفال فقط، وأخلص نيتي فيها لوجه الله قدر استطاعتي، ولكني خائفة بعض الشيء حيث أخشى أن أكون غير موفقة؛ لأن أمي تقول لي إن أمورك غير ميسرة.

أستاذي الفاضل! قيل في إجابة الدعاء إن الله إما أن يحقق لك ما تريد أو يطمئنك، أو يلقي في روعك أن هذا الموضوع لا يناسبك، ولكني لا أجد شيئاً من هذا إلا أني أشعر بعد الدعاء الطويل بسعادة وتفاؤل، ولكن لا يستمر هذا لأكثر من ساعات.

والله إني تعبت من هذا الموضوع جداً، وعندما أريد تحضير نفسي أن هذا الأمر ممكن ألا يحصل أشعر بإحباط شديد.
والله يا دكتور! نحن أسرة ملتزمة، وتعودت منذ صغري أن أرى أبي مواظباً على جميع صلواته في المسجد، وعندما يتقدم لي شخص وأقول لأمي: أريد شخصاً يصلي الفجر، تقوم القائمة علي؛ لأن أمي ليست متدينة مثل أبي.
وعندما تراني أتابع برامج دينية، تقول لي ماذا نفعك هذا؟ سيدي هل في دعائي الله أن يهب لي من لدنه زوجاً تقياً هنياً غنياً عاجلاً جداً جائز؟ هل ترى أن الأفضل أن أستمر في هذا الدعاء، وأنتظر حصوله أم أهيئ نفسي لعدم حصوله؟

أستاذي! هل من الممكن أن يحمل الله إنساناً فوق طاقته وهو يدعوه ويلجأ إليه ويستغفره، ويحاول قدر استطاعته أن يقبل عليه؟ كيف يمكن أن أكون راضية؟

مع العلم أني أدعو الله أن يرضيني، وأنا مواظبة على قراءة الدروس، والتعرف على أسماء الله الحسنى؟ كيف أملأ قلبي بحب الله؟ حيث أجد نفسي أعبده خوفاً أكثر منه سبحانه.
رجائي منك أن تدعو الله لي بالفرج القريب.
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ SA7AR حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم ولا قطيعة رحم مالم يعجل، قيل: يا رسول الله! وكيف يعجل؟ فقال: أن يقول العبد: قد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء)، وإذا أدرك الإنسان أن الدعاء هو مخ العبادة، بل هو العبادة، أكثر من اللجوء إلى الله، وفي كثرة الدعاء غيظ لعدونا الشيطان الذي يريد أن يوصلنا إلى اليأس والقنوط.

وأرجو أن تعلمي أن الداعي لا يخسر أبداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر مثلها، وإما أن يدفع عنه من البلاء مثلها).

وليس فيها ما ورد في كلامك واستشارتك، والمؤمنة العاقلة تتذكر ما قاله ابن الجوزي عن سلفنا الأبرار حيث مدحهم قائلاً: كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن منعهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه، فيقول: مثلك لا يجاب، أو لعل المصلحة في أن لا أجاب.

فتأملي هذه الكلمات، واعلمي أن الرضا عن الله من أوسع باب الخيرات، وكوني واثقة أن الله قد يمنع الإنسان رغم حبه له ورغم صلاحه ليزداد تعلقه وانكساره، وقد يمنعه لمصلحته فما كل متزوجة سعيدة.

ولذلك جاء قولهم: لعل المصلحة في أن لا أجاب" ثم جاء اتهامهم لأنفسهم"مثلك لا يجاب" وهذا جانب هام يدفع للتصحيح والتصويب ثم يكررون التوجه فيأتيهم الخير.

ولا يخفى على أمثالك أن الدعاء سلاح، وأن السيف بضاربه، فأكثري من الذكر والاستغفار والتلاوة واجتهدي في البر لوالدك والصبر على والدتك والإحسان لها، وقدمي طاعة الله على قولها.

ودعائك بأن يهبك الله زوجاً صالحا لا بأس به، ونرجو أن يرزقك الله زوجاً تقر به عينك إن شاء الله.

واعلمي أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وأن الخير فيما اختاره الله، وحاولي أن تندمجي في مجتمع الصالحات، والدخول في حلقات التلاوة للقرآن المجيد، والاشتراك في أعمال اجتماعية، فهذه الأعمال تلفت أخواتك الصالحات إليك فربما اختارتك لأخيها أو ابنها.

ونحن سعداء بحرصك على مطالعة أسماء الله الحسنى، فهي كفيلة بأن تملأ قلبك بحب الله تعالى، ومن كان لله أعرف كان منه أخوف، والخوف والرجاء سائقان للعبد إلى رضوان الله تعالى، غير أنه لا ينبغي أن نغلب الخوف على الرجاء في بعض المواطن، لا سيما مواطن اليأس والإحباط، فالرجاء مطلوب، ومطالعة أسماء الله تعالى كالكريم والوهاب والرؤوف والودود والرحيم، فكلها صفات رجاء ورحمة.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وابتعدي عن كل ما يغضب الله، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.

نسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً