الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قرحة المعدة.. أسبابها وعلاقتها بالأدوية النفسية

السؤال

هل من الممكن أن تكون قرحة المعدة لها علاج نفسي؟ أعلم أنه من الممكن أن تكون نفسية المنشأ ولكن حتى إذا كان هذا فيكون علاجها عضوياً أم نفسياً؟ وهل من الممكن في الجرعات العالية من العلاج النفسي أن يسبب قرحة في المعدة أو الاثنى عشر أو البلعوم؟

أبحث عن رد لهذه الأسئلة؟ مع العلم أن الأدوية النفسية تفتح الشهية للطعام، فهل هذا ممكن أن يكون سبباً غير مباشر للآثار الجانبية للعلاج النفسي، أم من الممكن أن تكون العادات الغذائية المتلخبطة في بلادنا هي سبب مباشر للقرحة؟

مع العلم أني أتناول أدوية نفسية ولكن بجرعات ضئيلة، وعلى مر تناول جرعات مختلفة كبيرة وصغيرة وأدوية مختلفة فإني أعاني من استفراغ مزمن؟

وهل إذا كنت أعاني من ضيق في التنفس بسبب عضوي أو إذا كان حتى بسبب نفسي (بالرغم أني أعتقد أنه بسبب عضوي بسبب شراهتي للسجائر سابقاً ـ والحمد لله ـ أني نجوت منها وتركتها وشبه متأكد أنها عضوية المنشأ، فإني لما كنت أشرب السجائر كثيراً يزداد الوجع في صدري ويضيق التنفس أكثر في الشهيق).

فهل أشرع في عمل منظار أم أؤجله إلى أن أتخلص من ضيق التنفس؟ لأني علمت أن من لديه مشاكل في التنفس فلا يشرع في عمل منظار. وهل هذه الأدوية النفسية على مر السنين السابقة (8 سنوات) ستؤثر على كمية البنج الذي سأتناوله عند عمل المنظار أو أي عملية جراحية تحتاج لبنج إذا عملت عملية لأي سبب؟

أرجو رداً يريحني من طبيب نفسي وطبيب جهاز هضمي وطبيب تخدير؟ لأن هذا قد يريحني وقد يريح آلافاً من الحالات مثل حالتي.

وشكراً على سعة صدركم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد اطلعت على رسالتك بكل دقة، والذي أستطيع أن أقوله لك بكل وضوح هو أن قرحة المعدة وقرحة الاثنى عشر معروف أنها متعددة الأسباب، فلا نستطيع أن نقول إن هنالك سبباً واحداً، ولكن يعرف أن القلق النفسي هو من المسببات الرئيسية للإصابة بقرحة المعدة أو قرحة الاثنى عشر، ولا شك أن العلاج النفسي – ولا أقصد العلاج الدوائي فقط – بجميع أنواعه وقطاعاته أيضاً هو من العلاجات بالممارسة لمثل هذه الحالات، ولا أقول إنه العلاج الوحيد، وكثير من الأطباء يشخص هذه الحالات تحت ما يعرف بحالات (النفسوجسدية)، أي أن الأعراض هي في الأصل أعراض عضوية أو المرض مرض عضوي، ولكن الجانب النفسي ربما يكون لعب دوراً أساسياً بالإصابة بهذه الحالة العضوية.

وهنالك بالطبع أسباب أخرى أو عوامل أخرى للقرحة لا نستطيع أن نتجاهلها، وهي عوامل الوراثة، وطريقة الحياة العملية والاجتماعية، وأنت لاشك لديك سبب قوي للإصابة بهذه القرحة وهي أنك تدخن أو كنت تدخن بشراهة، فالعلاقة بين التدخين وبين الإصابة بالقرحة هي علاقة وطيدة وعلاقة معروفة، وعموماً ـ الحمد لله ـ أنك قد أقلعت عن التدخين الآن أو هذا الذي فهمته من رسالتك.

أؤكد لك بصورة قاطعة أن الأدوية النفسية لا يمكن أن تساهم أبداً في الإصابة بالقرحة، إلا أن هنالك بعض العقارات النفسية مثل عقار مضاد للاكتئاب يعرف باسم (فافرين Faverin) وعقار آخر يعرف باسم (بروزاك Prozac)، وعقار ثالث يعرف باسم (زيروكسات Seroxat) هذه الأدوية ربما تؤدي إلى شعور بسيط بعسر الهضم، ولكنها لا تؤدي إلى زيادة أساسية في إفراز الأحماض التي تؤدي إلى الإصابة بالقرحة، ولذا ننصح أن يتناول الإنسان هذه الأدوية بعد تناول الأكل لأن ذلك يقلل من فرص الشعور بعدم الارتياح وسوء الهضم.

إذن أقول لك بصورة واضحة وجازمة وأنا على درجة عالية من اليقين: إن الأدوية النفسية لا تسبب أبداً القرحة، بل على العكس تماماً هي تساعد في إزالة القلق وفي إزالة التوتر ومن ثم هذا يساهم في علاج القرحة.. إذن أرجو أن تتأكد أن الأدوية النفسية إذا كانت بجرعات صغيرة أو بجرعات كبيرة لا علاقة لها بتسبب القرحة.

لاشك أن الاستفراغ المزمن هو علامات وإشارات لوجود القرحة، ولابد أن تراجع طبيب الجهاز الهضمي من أجل ذلك، وبالطبع أنت في حاجة إلى المنظار وفي حاجة إلى المتابعة.

أيضاً هنالك سبب كان لابد أن أذكره لك وهو أنه اتضح منذ سنين وجود نوع من الجرثومة – جرثومة معروفة جدّاً وفحصها بسيط أيضاً – قد تسبب قرحة المعدة، وغالباً يعطى المريض علاجاً ثلاثياً لمدة أسبوعين للقضاء على هذه الجرثومة.

إذن متابعتك مع طبيب الجهاز الهضمي سوف تكون مفيدة جدّاً لك.

أما ضيق التنفس الذي تعاني منه فإن أسبابه معروفة ومنها كما تفضلت أمراض الرئتين وأمراض القلق هي الأسباب الرئيسية، وعليك أن تتأكد أنه لا توجد علة رئيسية لديك في الرئتين، ولا أعتقد أن هنالك أي إشكال بالنسبة لك في أن تُعطى البنج أو المخدر حين إجراء النظام إذا كان منظارا للشعب الهوائية أو منظارا للمعدة، حيث أن أنواع التخدير التي تعطى هي أنواع بسيطة وسليمة جدّاً، ولا تتعارض مطلقاً مع الأدوية السابقة التي كنت تتناولها، والأطباء لديهم المقدرة الكاملة الآن لحساب الجرعة ولإعطاء الإنسان الجرعة التي تناسبه دون أي خطورة - بإذن الله تعالى -.

بقي أن أقول لك إنه يمكن أن تستفيد من بعض العلاجات النفسية:

أولاً: عليك بممارسة تمارين الاسترخاء، وتوجد حقيقة عدة كتيبات وعدة أشرطة توضح كيفية القيام بهذه التمارين.

تمارين الاسترخاء، وجد أنها نافعة جدّاً ومفيدة جدّاً للاسترخاء العام، كما أنها تخلص الإنسان بدرجة كبيرة من هذه الأعراض (النفسوجسدية) خاصة أعراض القرحة، فعليك الحصول على هذه الأشرطة وسوف يكون من الأفضل إذا قابلت أخصائيا نفسياً – وليس طبيباً نفسياً – حتى يقوم بتدريبك على الطريقة الصحيحة التي من خلالها تستطيع أن تقوم بهذه التمارين.

أيضاً التمارين الرياضية وجد أنها مفيدة وفعالة جدّاً؛ لأن الرياضة تمتص كل الطاقات النفسية السلبية وهي تجدد النشاط النفسي والنشاط الجسدي، وهذا لاشك أنه يساعد في تحسين التنفس وكذلك في التقليل من أعراض القرحة.

هنالك أدوية نفسية معينة تساعد كثيراً في علاج القلق والتوترات الداخلية التي قد تكون هي السبب في القرحة، أو أن القرحة أيضاً قد تسببت فيها؛ لأن الإنسان حين يصاب بالقرحة وتأتيه الآلام والتقلصات – وهي مزعجة جدّاً – هذا يولد له نوعا من القلق، وهذا القلق يدخله في حلقة مفرغة، وهناك عقار يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، هو في الأصل مضاد للقلق، ويعتبر من الأدوية الجيدة جدّاً، تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ثلاث مرات في اليوم، يعتبر إن شاء الله مفيداً.

كما أن الأدوية المضادة للاكتئاب والتوتر بصفة عامة جيدة، ومنها العقار الذي يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، هو من الأدوية الجيدة جدّاً لعلاج مثل هذه الأعراض، فيمكنك أن تتناوله بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراماً) ليلاً لمدة ستة أشهر.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأرجو أن تطمئن تماماً أن الأدوية النفسية سليمة ومهما تناولتها لسنوات طويلة لن يؤثر ذلك على كمية البنج، وحتى إن حصل أي نوع من التأثير سيكون تأثيراً بسيطاً ولا يُذكر، ويستطيع طبيب التخدير أن يتحكم في كمية البنج الذي تحتاجه في حالتك، علماً بأن أنواع التخدير التي تعطى للمناظير هي من الأنواع البسيطة والسليمة جدّاً.

وسوف يقوم أحد الأخوة الأفاضل من أطباء الباطنية بتوضيح جزء من استفساراتك الخاصة بالجهاز الهضمي.

وختاماً نشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
=======================
انتهت إجابة المستشار النفسي الدكتور / محمد عبد العليم ــ يليها إجابة الدكتور / محمد حموده ـ أخصائي أمراض باطنية.

أولاً: بالنسبة للتخدير؛ فإن التخدير الذي يجرى بالنسبة لمنظار المعدة في الحلق؛ وبالتالي لا يؤثر إن كان المريض مدخناً أو عنده ضيق في التنفس، ويكون المريض مستيقظاً وهو يرى بشاشة التلفزيون المنظار داخل المريء والمعدة، وأما منظار القصبات فكذلك أيضاً هو موضعي إلا أن طبيب الصدر هو الذي يقدر مدى استطاعة المريض تحمل منظار القصبات وليس طبيب التخدير.

وفي معظم الأحوال لا يوجد أي مشكلة في مثل سنك لإجراء منظار القصبات إن لزم ذلك ـ والحمد لله ـ أنك تداركت نفسك وتخلصت من التدخين الذي يذهب المال والعافية ويضر ليس فقط بصاحبه وإنما أيضاً فيمن حوله من الزوجة والأولاد ومن معه في البيت.

أما أسباب القرحة؛ فكما ذكر الأخ الدكتور محمد عبد العليم فإن لها أسباباً متعددة، فكان يعتقد في السابق أن الإجهاد النفسي والأطعمة الحارة والتوابل هي الأسباب الرئيسة للقرحة، إلا أنه تبين أن سبب القرحة في أكثر حالات القرحة المعدية والاثنى عشرية هي جرثومة! فقد أظهرت البحوث مؤخراً مسئولية نوع من البكتيريا يدعى هليكوباكتير بيلوري (Helicobacter pylori ) أو جرثومة المعدة الحلزونية عن تآكل الطبقة المخاطية التي تحمي الغشاء الداخلي للمعدة والإثني عشر، مما يعرض هذا الغشاء للتقرح بسبب الإفرازات الحمضية للمعدة، وعلى الرغم من أن هذه الجرثومة تكون موجودة عند الكثير من الناس ولا تسبب أي أعراض إلا أنه عند من يعاني من القرحة فإنه تحدث تآكلاً في الغشاء المخاطي للمعدة والإثني عشر.

وهناك أسباب أخرى للقرحة وهي:

- تناول حبوب الأسبرين والمسكنات مثل الفولتارين والبروفين.

- التدخين، فالنيكوتين في الدخان يزيد من إفراز حامض المعدة كمية وتركيزا، فلذا يعرض المدخن لحصول القرحة، ومن ناحية أخرى فإن التدخين يعيق التئام القرحة، لذا يمكن أن ترجع القرحة بعد علاجها عند المدخنين أكثر من غير المدخنين.

- تزداد نسبة حدوث القرحة عند المدخنين.

- الإجهاد النفسي، وعلى الرغم من أن العامل النفسي ليس سبباً رئيسيا للقرحة إلا أنه عامل مساعد لحدوث القرحة عندما تتواجد عوامل أخرى مثل التدخين، وتزداد الأعراض مع الإجهاد النفسي والتوتر وقد يعيق التئام القرحة.

أما عن الأعراض:
فتتشابه أعراض تقرح المعدة والإثني عشر في الجوانب التالية:

1) الشعور بحرقة في منطقة المعدة.

2) ألم شديد يتركز في أعلى المعدة، ويمتد إلى الظهر في حالة ( قرحة الاثني عشر)، وتستمر مدته من نصف إلى ثلاث ساعات وقد يزول الألم لعدة أيام ثم يعود.

علماً بأن هناك علاقة بين تناول المريض للطعام وظهور الألم، فإما أن يكون الألم بعد تناول الطعام مباشرة، أو بعد فترة قصيرة من تناوله، كما يقل الألم في قرحة الإثني عشر بتناول الطعام.

3) التقيؤ والذي يساعد أحياناً على تخفيف الألم.

4) فقدان الشهية ونقص الوزن في حالة تقرح المعدة، لذا فالإقياء الذي تعاني منه هو من القرحة أو أحياناً يكون هناك ندبة مكان القرحة وقد تسبب انسدادا في مخرج المعدة.

لا تشغل بالك على البنج، فكما قلت في منظار المعدة هو بنج موضعي في الحلق، وكثير ممن هم طاعنون في السن يجرى لهم منظار المعدة وعندهم أمراض القلب والرئة وتكون مستيقظاً أثناء المنظار الذي يأخذ من 10-15 دقيقة فقط وبعد ساعتين تذهب إلى البيت.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً