الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أساليب علاجية للتخلص من الرهاب الاجتماعي المتمثل في عدم القدرة على التحدث

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 25 عاماً، طالب جامعي منتظم وموظف، أعاني من صعوبة في النطق ورهبة اجتماعية، ولا أعرف متى بدأت معاناتي، وقد تدهورت نفسيتي مع تلك المعاناة، فزرت طبيباً نفسياً فوصف لي علاجاً اسمه (زيروكسات) فداومت على تناوله ثلاثة أشهر فلم أجد أي نتيجة.

وقد بدأت دراستي منذ شهرين، ولم أحضر بعض المحاضرات خشية أن يسألني الدكتور فلا أستطيع الرد عليه فيحرجني أمام الطلبة، وقد أصبحت مشكلتي تشكل لي كابوساً، وطالما أحسست أنها ستهدم حياتي.

علماً بأني موظف في محلٍ لبيع المجوهرات، وأجد صعوبة في نطق الأسعار والتفاهم مع العملاء، وقد توظفت منذ سنة، ومبيعاتي تعد على الأصابع بسبب قلتها.

ومشكلتي أني خجول وأخشى دخول الأماكن المفتوحة، وتصيبني الرهبة وأتصبب عرقاً مع إحساسي بأن الجميع ينظر إلي، وعند محاولتي للكلام أبدأ بكتم أنفاسي محاولاً إخراج الكلام، وقبيل مواجهتي للناس تصيبني حالة من القلق، وعندما أنفعل تخرج مني كلمات غير مفهومة، وعند تواجدي مع الأهل تصيبني صعوبة النطق دون رهبة مع إحساسي بأن الكل ينظر إلي، لكن عندما أكون في خلوة مع نفسي أتصفح الكتب وأقرأها بصوت مرتفع قليلاً بيني وبين نفسي ولا تحدث معي أي مشكلة، وعندما تصيبني ضيقة الصدر لا أهتم بمن حولي فأشعر أني أتكلم بطلاقة نوعاً ما.

علماً بأني أعيش حالة قلق وخوف من الغد وحالة اكتئاب، وطالما أحسست بأني ضعيف الشخصية، وحقوقي تضيع أمام عيني وأخشى المواجهة أو الدفاع عن حقوقي، مع أني شاب مثقف ومستواي التعليمي جيد، وأجيد المحاورة والنقاش، فما الحل؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رسالتك تعكس حجم القلق النفسي الذي تعاني منه، ولا شك أن أعراضك كلها تشير أنك تعاني مما يعرف بالرهاب أو القلق الاجتماعي مع بعض الأعراض الوسواسية التي تمثلت فيما نسميه أيضاً بالقلق التوقعي، أي أنك دائماً تعيش تحت الخوف مما سوف ينتج من تعاملك مع الآخرين ومواجهتهم، ومن أهم طرق العلاج هي:

أولاً: أن تصحح مفاهيمك، فإن القلق الاجتماعي هو ظاهرة موجودة ومنتشرة في منطقتنا.
ثانياً: هو مجرد قلق.
ثالثاً: الأفكار الافتراضية الجدلية بأن كذا وكذا سوف يحدث لي يجب أن يتحكم فيها الإنسان وذلك بأخذ المبدأ النفسي الذي يقول: (لماذا أقلق من شيء لم يحدث أصلاً)، فأرجو أن تطبق هذا المبدأ؛ لأنه سوف يفيدك كثيراً.
رابعاً: أؤكد لك حسب ما أفادت التجارب العلمية أن هذه الأعراض التي تحس بها هي مبالغ فيها وهي ليست بهذا الحجم، نعم أنت قلق ولكن استقبالك لأعراضك وتركيزك الشديد عليها يجعلها تتضخم وتتجسم في نظرك.

وأنا على ثقة كاملة أنك لا تتلعثم أمام الآخرين كما تتصور، وأؤكد لك بصورة قاطعة أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك أو رصدك، فيهون على نفسك وأخرج نفسك من دائرة هذه المراقبة الذاتية المطبقة لأنها ذات عائد سلبي عليك فيما يخص صحتك النفسية.

وعليك أن تتعامل مع الحياة بسهولة أكثر، ولا تفرض على نفسك سياج المراقبة المطلقة حين تتحدث أو تخاطب الآخرين، ضع مقارنات ما بينك وبين الآخرين: (لماذا يتكلم الآخرون بكل سهولة؟ لماذا لا تواجههم أي صعوبة أو قلق كما يواجهني؟)، وهناك سؤال آخر مهم وهو أن الكثيرين ممن تتعامل معهم لديهم أيضاً القلق والرهاب الاجتماعي، ولديهم نفس مشاعرك أنهم يتلعثمون ويرتجفون ويعرقون وهكذا، ولكني متأكد أنك لم تلاحظ ذلك في أي منهم؛ لأن الأعراض أصلاً مضخمة ومجسمة في نظرك.. إذن تصحيح المفاهيم أمر ضروري.

ويأتي بعد ذلك ما نسميه العلاج بالتعريض مع منع الاستجابة، بمعنى أن تعرض نفسك للمواقف التي تحس فيها بالخوف والقلق، وتمنع الاستجابة، ومنع الاستجابة هنا أن تمتنع عن الهروب من الموقف، فتصور أنك في مواجهة مع بعض الناس في اجتماع كبير أو طلب منك أن تتحدث أمامهم أو تقدم عرضاً معيناً في موضوع ما، أو طلب منك أن تصلي بالناس في المسجد، أو كانت لك مناسبة كبيرة في المنزل وأتى الضيوف من هنا وهناك وأنت لابد أن تستقبلهم، عش هذا الخيال بكل جدية بمعدل عشرين دقيقة صباحاً وعشرين دقيقة مساءً، والكلام الذي أقوله لك مبني على أسس علمية تجريبية.

فأرجو أن لا تتهاون في تطبيقه وعليك الحرص عليه، وبعد ذلك ضع لنفسك برامج يومية، وضع على نفسك هذه الشروط وهذه القيود بصورة واضحة وطبقها مرة ومرتين وثلاثة وأكثر من ذلك وسوف تجد أن الأمر قد أصبح أهون كثيراً مما تتصور.

وسوف يكون من المفيد لك أن تلتحق بأحد حلقات القرآن الكريم، هذا سوف يساعدك في النطق وفي مخارج الحروف، وهذه الحلقات هي مجال كبير للشعورب الطمأنينة والاسترخاء، ولا مانع أيضاً أن تقابل أحد أخصائي التخاطب إذا كان ذلك ممكناً، وإن كنت لا أعتقد أنه لديك مشكلة في التخاطب، إنما هو القلق الذي يقلل من أدائك ويعطيك الشعور السلبي عن نفسك.

وهناك تمارين تعرف باسم تمارين الاسترخاء، الاسترخاء العضلي والاسترخاء عن طريق التنفس المتدرج، فأرجو أن تتحصل على أحد الأشرطة أو الكتيبات التي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، فطبقها بحذافيرها بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وسوف تجد أيضاً أنك قد ارتحت كثيراً.

وقد أعطيتك توجيهات كثيرة يبقى بعد ذلك التطبيق والتطبيق هو الشيء المهم والضروري، وبعد ذلك سوف أصف لك علاج دوائي، ولاحظ أني قد تركت الدواء كآخر شيء أو كآخر جزء في الرزمة العلاجية، وأنت قد تناولت الزيروكسات Seroxat فهو من الأدوية الجيدة ولكنه لم يفدك، وعليه سوف أصف لك علاج آخر يعرف عنه الجودة والإفادة في مثل هذه الحالات، بشرط الالتزام بالجرعة وأن تتناول العلاج في وقته، هذا العقار يعرف يعرف تجارياً باسم (لسترال Lustral) أو (زولفت Zoloft) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين ليلاً لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة في الصباح وحبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك ابدأ في تخفيض الحبة بمعدل حبة واحدة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف عن تناوله.

وهذا الدواء من الأدوية المتميزة في علاج القلق والرهاب والخوف ويؤدي إلى تحسين المزاج، وهو ليس بإدماني ولا يسبب أي آثار جانبية خطيرة، وختاماً: نشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً