الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأعراض الفسيولوجية الناتجة عن الرهاب الاجتماعي وكيفية التخلص منها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 28 عاماً، أصابني الرهاب الاجتماعي منذ أن كنت في المرحلة الإعدادية، وتطور معي المرض إلى أن وصل لأقصى درجاته في المرحلة الجامعية وبعد التخرج.

والأعراض التي تظهر علي هي احمرار الوجه ورعشة في الشفتين ولعثمة قليلة في الكلام وزيادة في إفراز العرق، وهذه الأعراض أصبحت تظهر دائماً عندما أتكلم مع أي أحد، والذي يخيفني في الأمر كله هو احمرار الوجه، فمثلاً إذا تكلمت مع أحد أو مجموعة في مكان قليل الإضاءة بحيث أضمن أنهم لن يستطيعوا رؤية وجهي فإنني أكون في هذه شجاعاً وطليق اللسان ولا تظهر علي أعراض الرهاب الاجتماعي، وأما إذا كنت في مكان فيه إضاءة فإنني أخاف خوفاً شديداً، وأتصنع أي موقف لكي أهرب من هذا المكان حتى لا يلاحظ أحد احمرار وجهي.

وأعتقد أن الأعراض الأخرى تحدث بسبب خوفي من احمرار وجهي، والدليل على ذلك أنها لا تحدث في مكان مظلم، حيث أكون واثقاً من أني عندما أتكلم لن يستطيع أحد أن يرى وجهي إذا أحمر.

ومنذ ثلاث سنوات ذهبت للطبيب النفسي فأخبرني أني مصاب برهاب اجتماعي خفيف، وقام بعدة جلسات ووصف لي دواء الزيروكسات فاستمررت عليه، ووصف لي الجرعة أحد عشر شهراً، فتحسنت حالتي أثناء العلاج بنسبة لم أكن أتوقعها، ومارست حياتي بشكل طبيعي، وشعرت بدفء الحياة الاجتماعية التي لم أشعر بها من قبل، وحمدت الله كثيراً على هذه النعمة.

وبعد أن انتهت فترة العلاج بالزيروكسات بشهرين أو ثلاثة عادت الأعراض لتظهر من جديد، وتوقفت حياتي الاجتماعية من جديد بعد أن كانت قد بدأت، وأنا مقبل على الزواج، وكل خوفي أني إذا تقدمت للخطوبة تظهر علي هذه الأعراض، وهذا الأمر يخيفني ويمنعني من التقدم للخطبة، فهل أرجع للزيروكسات مرة أخرى؟ وهل كانت فترة العلاج غير كافية؟ وما هي الجرعة ومدة العلاج؟

علماً بأني صحيح بدنياً ولا أعاني من أي أمراض، وأنا ولله الحمد متدين ومستقيم في حياتي، فهل هذا المرض له أجر من عند الله مثل باقي الأمراض التي يصاب بها الإنسان إذا صبر عليه أم ليس له أجر؟

أفيدوني وجزاكم الله عني كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن الأعراض التي تعاني منها هي أعراض الرهاب الاجتماعي، وأعتقد أنه ليس من النوع الشديد، وإنما هو ما بين البسيط والوسط، وأعراضك الجسدية غالبة على أعراضك النفسية، وأما بالنسبة لاحمرار الوجه فهو ناتج من زيادة تدفق الدم، وزيادة التدفق الدم والارتعاش والتلعثم كلها تتم من خلال عمليات فسيولوجية، وهي ليست بالخطيرة مطلقاً.

والذي نستيطع أن نؤكده لك هو أن التجارب العلمية أثبتت أن هناك مبالغة شديدة في استشعار الناس بأعراضهم الجسدية في أوقات المواجهة الاجتماعية، فيتصور الإنسان أنه يتلعثم بشدة أو أنه يرتعش ارتعاشاً شديداً أو أنه سيسقط ويفشل أمام الآخرين، والذين تم تصوريهم عن طريق الفيديو وهم في أوضاع اجتماعية كهذه عرضت عليهم صورهم بعد ذلك ولاحظوا أن تصورهم عن أنفسهم لم يكن صحيحاً، بمعنى أن درجة التلعثم أو الارتعاش أو التعرق أو الخوف أو حتى احمرار الوجه كانت أقل بكثير مما يتصورون، فالذي أريده منك هو أن تصحح مفاهيمك حول الرهاب الاجتماعي، وهذا ضروري ويساعد في العلاج كثيراً.

وأما فيما يخص أنك تلاحظ الاحمرار أكثر حين تعرضك للضوء أو مخاطبتك للآخرين، فهذا أيضاً جزء من العملية الفسيولوجية وجزء من رقابتك الصارمة التي تفرضها على نفسك وتحاول أن تلاحظ تفاصيل ما يحدث لك، فأرجو أن تكون عفوياً بعض الشيء ولا تفرض هذه الرقابة على نفسك، ولابد أن تحقر القلق ولابد أن لا تعيره اهتماماً، وهذا علاج ضروري ومهم.

والعلاج بالتجاهل يعتبر علاجاً نفسياً أساسياً، وكذلك العلاج بالتعريض، بمعنى أن تعرض نفسك إلى المواقف التي تهابها وتخافها ولا تتجنبها ولا تهرب منها أبداً، وحين تواجه وسوف يرتفع القلق لديك، وحين تصر على المواجهة سوف يبدأ مستوى القلق والخوف في الانخفاض فأرجو أن تكون حريصاً على ذلك.

وقد استجبت استجابة ممتازة للزيروكسات Seroxat ولله الحمد، فننصحك بأن ترجع إلى تناول الزيروكسات، وسوف تجني إن شاء الله نفس النتائج الطيبة التي حصلتها في المرة السابقة، فابدأ في تناول الزيروكسات بجرعة حبة واحدة يومياً لمدة شهرين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة واستمر عليها لمدة سنتين.

وأرجو أن لا تستغرب من هذه المدة (سنتين) في تناول الدواء؛ لأن هذه المدة هي المدة المعقولة، لأنك الآن تواجه الانتكاسة الثانية، وقصدنا أن تكون مدة علاج الزيروكسات أطول قليلاً لأننا نريدك أن تكون تحت العلاج الوقائي لفترة أطول، حيث أنه من الواضع أنه لديك الاستعداد للقلق والرهاب، ولن يمنعك الدواء مطلقاً من الزواج، فأقدم على الزواج دون أي تردد، نسأل الله تعالى أن يتم لك الزواج على خير وبكل يسر.

والزيروكسات من الأدوية السليمة، وإذا طبقت الإرشادات السلوكية وتناولت الدواء سوف تكون فرص الشفاء أكثر، ومن ثم فرص الوقاية وعدم حدوث انتكاسة سوف تكون أفضل كثيراً، ولا شك أن المؤمن يثاب على كل ما يصيبه حتى الشوكة يشاكها، فعليك بالصبر وعليك أن تأخذ بالأسباب، أي بكل وسائل العلاج، وهي العلاج السلوكي الذي يقوم على المواجهة والتعرض وتحقير فكرة الخوف والتواصل الاجتماعي وممارسة الرياضة الجماعية وحضور حلقات التلاوة والتفكير الإيجابي وتناول الدواء، كل هذه معينات علاجية ممتازة.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي للرهاب في الاستشارات التالية: (259576-261344-263699-264538)، نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً