الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القبول بمريض الصرع زوجاً

السؤال

تقدم لابنتي شاب ممتاز من كل النواحي، لكنه مريض بالصرع منذ الصغر، وهو بعمر 19 عاماً، والحالة تأتي له مرة كل ستة أشهر، وأحياناً كل سنة، ولكنها تكون شديدة وتستمر من خمس إلى عشر دقائق، وهو منتظم على علاج معين.

أنا خائفة على ابنتي وأرفضه بشدة، ولكنها متمسكة به، فهل أوافق أم أستمر في الرفض؟ وما أضراره على الزواج؟!

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Afaf حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن مرض الصرع بصفة عامة لا يمنع الزواج، وأنا مدرك تماماً للحرج الاجتماعي وللوصمة الاجتماعية التي ارتبطت بمرض الصرع بكل أسف، وإن كان الآن تفهم الناس لمرض الصرع قد تحسن، وهذا قلل كثيراً من المفاهيم الخاطئة نحو مرض الصرع.

أرى أن هذا الشاب ما دام ممتازا من جميع النواحي وأن ابنتك متمسكة به فليس هناك ما يمنع من أن يتم هذا الزواج، وأقدر مشاعرك وأقدر تحفظك على زواج هذا الشاب من ابنتك، ولكن أرجع وأقول لك: إنه ما دام يحمل كل السمات المرجوة من الزوج الصالح، وفي نفس الوقت ابنتك ترغب فيه، فليتم هذا الزواج، ولمزيد من الاطمئنان بالنسبة لك أعتقد أنه من حقك أن تطلبي من الشاب أن تقابلوا الطبيب الذي يشرف على علاجه، هذا أمر مباح وأمر مطلوب، ولا أعتقد أن الشاب أو أهله سيرفضون هذا الاقتراح.

كثيراً ما تأتيني أسر يكون قد تقدم لبناتهم شباب وقد يكونون سمعوا أن هذا الشاب يعاني من مرض نفسي أو خلافه، وبالطبع هم يريدون الاطمئنان على ابنتهم، وأنا حقيقة لا أمانع من حيث المبدأ أن يطلع أهل البنت أو حتى أهل الولد على المعلومات إذا كانت المريضة بنت، ولكن قطعاً لا أسمح بذلك إلا بعد موافقة الطرف الآخر، أي الطرف الذي يعاني من المرض، لابد أن يعطي إذنه الكامل وموافقته على أن نصرح بأي معلومات طبية يتطلبها أهل الشاب أو الفتاة.

من تجربتي هذه وجدت أن معظم الأسر تقدم ولا ترفض أبداً بأن نزود الجهة التي تطلب معلومات طبية عن من تقدم للزواج، وكثيراً ما ندير حوارات طيبة نجعل الأطراف جميعها تشارك فيها ونملك الحقائق بصورة علمية ومهنية وواضحة.

أرى أن مستوى القلق والرفض لديك سيقل -إن شاء الله- بعد أن تستأذني هذا الشاب وتقابلي طبيبه المعالج وذلك من أجل المزيد من الاستفسار عن حالته، ولا مانع أن يتم ذلك بحضوره أو حضور واحد من أهله إذا رغبوا في ذلك.

هناك أمر آخر ضروري وهو أن مرض الصرع الآن يمكن علاجه في حوالي خمسة وثمانين بالمائة من الناس، حيث يمكن التحكم الكامل في النوبات الصرعية، وهذا الشاب ما دام تأتيه نوبة من وقت لآخر ربما يكون ذلك ناتجاً من عدم انتظامه لتناوله العلاج في بعض الأحيان، أو ربما يكون هناك حاجة لإضافة دواء آخر، خاصة الآن أنه توجد أدوية جيدة وفعالة، فأعتقد مراجعته لطبيبه ومعرفة السبب الذي يؤدي إلى هذه النوبات المتباعدة سوف يكون أيضاً أمراً مفيداً بالنسبة له.

أرجو أن يُنصح في هذا السياق بأن يداوم على علاجه وأن يراجع طبيبه بصورة منتظمة، ولا شك أن الطبيب إذا رأى أن هنالك أي حاجة لزيادة الجرعة بالنسبة للدواء الذي يتناوله الآن أو إضافة دواء آخر سوف يقوم بهذا الإجراء؛ لأن الهدف في علاج الصرع هو أن تتوقف النوبات توقفاً كاملاً، ويعرف أنه في معظم الحالات إذا لم تأتِ أي نوبة للمريض خلال فترة ثلاث سنوات هنا يمكن أن يتم التوقف عن الدواء.

أؤكد لك أن الصرع كمرض ليس له أضرار على الزواج، فقط ربما تنزعج الزوجة قليلاً إذا حدثت نوبة صرعية أمامها لأول مرة، هذا هو الجانب السلبي الوحيد.

أما بالنسبة للتأثير على الذرية فهذا أمر أيضاً تم حوله الكثير من النقاش، ولا أريد أن أسبب لك أي نوع من المضايقة أو الإزعاج، ولكني أقول أن هناك احتمال ضئيل وضئيل جدّاً لأن يكون للأطفال شيء من الاستعداد لهذه النوبات، وهذا الكلام يجب أن لا يؤثر عليك سلباً؛ لأن الاحتمال لأن تحدث نوبات الأطفال هو احتمال ضعيف وضئيل، ولكن هذه حقيقة علمية لابد أن نذكرها.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً