الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الواجب تجاه الأب المتظاهر بسمة الإسلام مع ارتكابه دنيء الأعمال؟

السؤال

السلام عليكم.

أبي كان أفضل إنسان، وكنت متعلقة به بشكل كبير، حيث كان دائم العبادة لله، ولكننا اكتشفنا أنه يضع الإسلام ذريعة لأعماله السيئة والدنيئة، ويقول: إن الإسلام يحلل الكذب والخداع، وقد واجهته بهذا ولكنه يقول: أنتم لا تدرون ما الإسلام، وطوال السنين الماضية يتصف بأنه داعية وشيخ، ولكنني صرت لا أستطيع أن أراه لشدة فعله الأعمال السيئة، لدرجة أنه بارع في التمثيل، فهل سأحاسب إذا قطعت صلتي به؟ علماً بأني لم أعد أثق بإنسان بعد ذلك، فساعدوني على هذا البلاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن ما يحصل من والدك لا يبرر لك التقصير في بره والإحسان إليه في طاعته في كل ما يرضي الله، وتذكري أن الله سبحانه قال: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)، [لقمان:15]، ثم قال مع كل ذلك: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، [لقمان:15].

ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يصلح حاله وحالنا وحالك، وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأرجو أن تعلمي أن الإنسان إذا أراد أن ينصح أحد والديه فلا بد أن يقدم بين يدي ذلك ألواناً من البر والصلة، ولا بد أن يكون الأسلوب في غاية اللطف، كما فعل الخليل عليه الصلاة والسلام الذي نقل القرآن خبره في سورة مريم: (يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا)، [مريم:44].

وفي الآيات إظهار للشفقة واللطف وهذا جانب مهم في دعوة الوالدين والنصح لهما، وإذا كان والدك أو غيره عنده بعض المخالفات فلا يعني ذلك إساءة الظن بالجميع، فلا تقولي: لم أعد أثق في أحد؛ فإن في الناس خيراً وسيظل فيهم الخير؛ لأن الخير لا ينقطع في أمة رسولنا الذي جاء مبشراً بالهدى والخير.

ونحن لا نجد في نصوص الشريعة ما يبيح لك قطع الصلة بوالدك مهما فعل، كيف وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسماء رضي الله عنها: عندما قالت: (قدمت علىّ أمي وهي مشركة، أفأصلها؟ فقال: نعم، صلي أمك)، وكانت صفية زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تحسن إلى بعض أرحامها من اليهود، ويتأكد الإحسان عندما يكون مع أحد الوالدين.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بضرورة بر هذا الوالد وطاعته إذا أمرك بما يرضي الله، وأما إذا طلب منك ما يغضب الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، ولا تشعريه بأنه مكروه، وليس لنا أن نكره مسلماً ولكننا نكره المعاصي، فإذا تركوها ازددنا لهم حباً، ونسأل الله الهداية للجميع.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً