الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاقة المثلى بين العالم والمتعلم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو التعليق على المثل القائل: (من لم يتحمَّل ذُلَّ التعلم ساعة بقي في ذل الجهل إلى قيام الساعة)؛ هل هو صحيح المعنى؟ وإذا كان صحيح المعنى فما هو سبب الإذلال؟ هل هو المعلم أم العلم نفسه؟ وإذا كان الذل سببه من المعلم فهذا يعني أن الطالب الذي تحمل الذل سيخزن في نفسه وسيرده لطلبته مستقبلا إذا أصبح هو معلما، إلا إذا جاهد هذا المعلم الجديد نفسه وأعطى علمه لوجه الله.

وأرجو شرح كيف يعطي الإنسان علماً لله وهو في نفس الوقت يعطي هذا العلم في مقابل راتب، أو يعطيه في وظيفة لموظف جديد ليقوم بالأعمال معه (التقنية مثلا) سواء كان هذا العلم شرعيا أو دنيويا؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحباً بك أيها الأخ الحبيب في موقعك استشارات إسلام ويب، ونشكرك على اهتمامك بقضايا التعلم والتعليم.

وغير خافٍ عليك أيها الأخ الحبيب أن العلم هو أشرف مطلوب تسعى لتحصيله النفوس الشريفة، وقد رفع الله عز وجل قدر أهل العلم وشرفهم على من سواهم، وإذا كان الأمر كذلك فلا عجب أن يكون هذا المطلوب محتاجاً إلى صبر وجلد، ومثابرة وعزم في تحصيله والوصول إليه.

ومن جملة الأسباب الموصلة إلى تحصيل العلوم وإتقانها ورسوخ القدم فيها مجالسة العلماء والتواضع بين أيديهم، والتأدب معهم حتى تطيب أنفسهم في بذل كل ما لديهم لهذا الطالب إذا رأوه أهلاً ومحلاً لحمل العلم وتبليغه، وهذا هو المقصود بذل التعلم، ويقابل هذا الذل التكبر والترفع على العلماء وحملة العلم، ومن فعل هذا فإنه لا شك سيحرم نفسه من تحصيل هذا المطلوب الشريف، وسيعيش في ذلٍّ آخر هو أشد مرارة وأطول زمناً من الذل الأول وهو ذل الجهل، وقد قال الشاعر:
العلم حرب للفتى المتعالي *** كالسيل حرب للمكان العالي

فذل التعلم والتواضع للمعلمين يورث عزّاً وجاهاً ورفعة وشرفاً، وقد عاتب بعض الناس الإمام الشافعي رحمه الله تعالى على شدة تواضعه للعلماء، فأجابه رحمه الله بقوله:
أهين لهم نفسي وهم يكرمونها *** ولن تكرم النفس التي لا تهينها

فأدب الطالب مع أساتذته هو مفتاح تعلمه، وعنوان فلاحه، وفي المقابل فالعلم يوصي بالرفق بالطالب وحسن تعليمه وتأديبه، وإعانته على الخير، وإذا تخلق الشيخ بهذه الأخلاق فلن نقع في المحذور الذي تخاف منه، فالأدب إذن شيءٌ متبادل، فهناك آداب للمتعلم ويقابلها آداب للمعلم، وكتب علمائنا مليئة بذكر النوعين من الأدب، وهناك مؤلفات خاصة منها:

1- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي رحمه الله، وهو يتكلم عن آداب الراوي وأخلاقه وهو الشيخ، وآداب السامع وهو التلميذ.

2- الفقيه والمتفقه للخطيب أيضاً، وهناك كتب كثيرة في هذا المجال.

وأما عن أخذ الراتب في مقابل التعليم؛ فهذا لا ينافي إخلاص النية لله في التعليم، فإن المعلم يقوم بوظيفة يحتاج إليها المجتمع فيعطى من المال العام ما يكفيه لحاجته؛ لأنه مشغول في مصلحة من مصالح المجتمع، كالجندي في الجيش والقاضي في المحكمة، وغيرهم ممن يقومون بمصالح المسلمين؛ هذا عن العلم الشرعي.

أما العلوم الدنيوية فلا إشكال في أخذ الأجور على تعليمها، لأنها من جملة الصنائع والحرف الدنيوية، وهذه لا يكره أخذ الأجرة عليها.

وفقنا الله وإياك لكل خير، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً