الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الاكتئاب الظرفي الناتج عن الغربة وبعض الضغوط النفسية

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب طب سنة ثالثة، أدرس في بلد عربي آخر غير بلدي، أتممت سنتي الأولى بنجاح باهر ورجعت لبلدي، لكن مشكلتي بدأت في السنة الثانية؛ حيث بدأت السنة بشكل جيد، ولكن في نهاية السنة تعرضت لضغوط نفسية في الدراسة تمثلت أن صديقي المقرب مني في تلك الفترة ذهب، علماً أنني أقيم في إقامة جامعية، وحصل خلاف بيني وبين أكبر شخص من جاليتنا، علماً أنه إنسان متسلط وليس معه الحق، ولديه مشاكل كثيرة.

المهم أصبحت أحس أني وحيد، وأظن أنني بالغت قليلاً في التصور، ولكن الذي حصل أنني تعبت لدرجة كبيرة في تلك الفترة، وفي أحد الأيام وخلال الدراسة أحسست أنني فقدت شيئاً في داخلي، ولكنني كنت أتأثّر كثيراً من أي كلمة أسمعها، فأحس بوجع شديد في رأسي لأي كلمة.

وعندما رجعت لبلدي كنت لا أستطيع التركيز مع الناس، وكنت أحس أنها فترة مؤقتة وسوف تذهب.

أحس أنني منقطع الاتصال بالناس، وأحس بأن قلبي ميت؛ بحيث أنني جسد بلا روح، وتوقعت أنني عندما أرجع للدراسة سوف يذهب الأمر، ولكن للأسف مازال الحال وامتحاناتي لم يبق عليها سوى 20 يوماً وتبدأ، وأنا خائف جداً؛ حيث أني أحس بالوحدة القاتلة، وأحس أنه عندما يذهب هذا الشعور سوف أحس بالخوف.

ساعدوني، فوالله إنني عشت طول هذه الفترة حياة صعبة جداً، فكل شيء توقعته إلا أن تصل حالتي لهذه الدرجة، فلقد كنت طوال عمري من المتفوقين في الدراسة، وحتى من الناحية الجسمانية والجمال، ولكن لا أعرف لماذا فعلت بنفسي هكذا!؟ فأنا أخاف أن تبقى هذه الحال معي؛ حيث أن لها 6 أشهر تقريباً وزادت عند رجوعي لبلد الدراسة بسبب شعوري بالخوف الذي لا داعي له أساساً لهذه الدرجة؛ حتى أنني أصبحت أفكر أن أرجع لبلدي بسبب إحساسي بفقدان الأمل، وأحس أنني في عالم آخر، وأخاف أن لا أخرج من هذه الحالة.

وبالله التوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الحالة التي تعاني منها هو نوع من الاكتئاب الظرفي، حيث إن الاكتئاب النفسي يفقد الإنسان كل مشاعره الإيجابية، ويجعله لا يستمتع بما كان يستمتع به، وتأتيه مخاوف حول المستقبل، وقد يصاب الإنسان أيضاً بشيء من الخواء أو الفراغ الداخلي وعدم التأكد من الذات.

يظهر أنك حساس بعض الشيء، وهذه الحساسية نتج عنها شعورك بالتغرب، ولا شك أن وجودك في بلد آخر غير بلدك أدى إلى نوع من عدم القدرة على التواؤم، وعدم القدرة على التكيف مع محيطك، وذلك نسبة لحساسيتك، وكذلك قابليتك واستعدادك للقلق النفسي.

الذي أرجوه منك هو أن تتجاهل هذه الأعراض بقدر المستطاع، واعلم أن هذه ليست بالحالة النفسية الشديدة أو المزمنة، ومهما حصل لك من ضعف في إرادتك ودافعيتك؛ فإن ذلك سوف يزول بالإصرار وبالمثابرة، وفي أن تتفهم طبيعة الحالة.

بما أنك مُقدم على الامتحانات، وبما أن هذه الحالة قد استمرت معك حوالي ستة أشهر تقريباً، فهنا تكون قد استوفيت الشروط الضرورية لأن تبدأ العلاج الدوائي، والعلاج الدوائي في مثل هذه الحالات يعتبر مطلوباً، وإن شاء الله سوف نصف لك دواء واحداً هو من الأدوية الجيدة والمفيدة لعلاج الاكتئاب النفسي وكذلك المخاوف والقلق، الدواء متوفر في الجزائر ويسمى تجارياً باسم (ديروكسات Deroxat)، ويسمى علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجراما)، تناولها بعد الأكل ويفضل تناولها ليلاً، استمر عليها لمدة ستة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن الدواء.

الدواء من الأدوية السليمة والفاعلة جدّاً كما ذكرت لك، وأعتقد أنه سوف يساعدك بدرجة كبيرة، وعليك بالطبع أن تفكر إيجابياً حول نفسك، وأن تكون رؤاك نحو المستقبل إيجابية، وكذلك عليك أن ترسم صورة إيجابية عن نفسك، فأنت - الحمد لله - لديك المقدرات، ولديك القوة الذهنية والمعرفية، ومن الواضح أن شخصيتك متوازنة، فكن إيجابياً في تصورك حول نفسك في حاضرها ومستقبلها بإذن الله تعالى.

أرجو أن تمارس الرياضة أيضاً فهي مفيدة كثيرة، وعليك أن تستعين بالله أولاً ثم بالأصدقاء خاصة الأوفياء منهم، وكذلك الخيرين والصالحين، وعليك بالصلاة في وقتها وتلاوة القرآن والدعاء وخشية الله، والتقرب إليه سبحانه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً