الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التردد في النظر في أعين الآخرين وعدم القدرة على تكوين الصداقات

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب مهندس عمري 25 عاماً، أدرس الماجستير حالياً، مشكلتي أنني أخاف النظر في عين الشخص الذي أكلمه، ولا أحب التكلم مع الشخص عن قرب، فعندما يكلمني شخص بجانبي - حتى الأصدقاء الذين أثق فيهم - أتضايق منهم، وهذا يؤثر على مسار حياتي، حيث إنهم يشعرون أني مغرور ولا أحبهم أو أني خجول، مما يعكر مزاجي لأني بداخلي أحبهم وأريد التواصل معهم، ولكني لا أستطيع السيطرة على تعابير وجهي، وكما يقال: (لغة الجسم أصدق الكلام)، حيث إن التضايق يبدو واضحاً من وجهي، وبدأت أخسر أصدقائي شيئاً فشيئاً.

علماً بأني أعاني من ذلك منذ سنة، وقبلها كنت أعاني من الفوبيا أو الاكتئاب فوصف لي الطبيب زيروكسات، فتناولته لفترات متفاوتة، وكانت عندي مع الزيروكسات أو الزاناكس لنسب معينة، وأخذتها فترات قليلة (خمسة عشر يوما)، وكانت الجرعة 20 ملجم في اليوم ظهراً، ولكني تركتها لأني كنت لا أستطيع التركيز أثناء المحاضرات، لاسيما أني كنت ألعب رياضة كمال الأجسام وكانت تؤثر علي.

وقد بدأت بتناول دواء جديد اسمه (Aurorix mochlombemid)، ونتائجه جيدة ولله الحمد، حيث قلل عندي الفوبيا بنسبة معينة، ولكني لم أشف من خوف النظر أو التردد في النظر في أعين الغير، حيث لا زلت أخشى النظر في أعين أستاذتي وأصدقائي، ولا أستطيع الجلوس في الحافلة بجانب صديقي، ولا أستطيع أن أكون صداقات بسبب هذه الحالة، فما هو العلاج الأكثر ملاءمة لحالتي؟ وهل تنصحوني بدواء (Olanzapine)؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ill حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا نهنئك على إنجازك العلمي، نسأل الله تعالى أن يزيدك علماً ومعرفة، وأما مشكلتك فإنها بسيطة، وهي تمثل أحد أنواع القلق الاجتماعي البسيط أو ما يمكن أن نسميه بالرهاب الاجتماعي، وأول ما يطلب منك من الناحية العلاجية هو أن تصحح مفاهيمك وهذا نسميه بالتغيير المعرفيِ، وهو أن تفهم أن هذه الحالة نوع من القلق وليس أكثر من ذلك، وليست دليلا على ضعف في الشخصية أو قلة في الإيمان.

ويجب أن لا تتناول الأفكار السلبية حيال أصدقائك وأفكارهم بأنهم قد يشعرون بأنك مغرور أو لا تحبهم وهكذا، فأنت قد قسوت على نفسك كثيراً بمحاولة تثبيتك لهذه الأحكام حول نفسك، فلماذا لا تقول ولا تفكر أن الذي تعاني منه هو مجرد قلق وأن هذه الأفكار ليست منطقية وليس لدي الدليل الذي يثبت ذلك، فهو مجرد إحساس، والإحساس يمكن أن يغيره ويبدله الإنسان إلى ما هو مضاد، فحقر هذه الأفكار السلبية واستبدلها بأفكار أخرى مخالفة لها، وهي أن أصدقاءك لا يشعرون بأنك مغرور، ولكن لأنك قلق يأتيك هذا الشعور وسوف توقف هذا القلق إن شاء.

فأجر هذا الحوار المنطقي مع نفسك واسع نحو التغيير، والمهم أنك تحب أصدقاءك، وهذا هو الذي يجب أن يغلب على مشاعرك، تخلص من الطاقات النفسية السلبية بتحقيرها.

وسيكون من الجيد لك أن تعرض نفسك لكل مصادر خوفك، وهذا نسميه بـ(العلاج بالتعريض)، فحين تعرض نفسك للمواقف التي تحس فيها بالارتياح وتحس فيها بالخوف ستجد أن مستوى القلق يرتفع عندك، وهذه ظاهرة طيبة وظاهرة إيجابية، بعدها سوف يبدأ هذا القلق إن شاء الله في الانحسار والضعف والتلاشي، فهذا هو التاريخ النفسي الطبيعي للعلاج السلوكي، أي يجب أن نواجه، ويجب أن نحقر فكرة التجنب، وحين أواجه سوف أصاب بالقلق، ولكن حين أستمر على المواجهة سوف يبدأ القلق في الضعف والتلاشي.

وعليك أيضاً ببعض التواصل النفسي الاجتماعي السلوكي، بأن تمارس أي نوع من الرياضة الجماعية مع أصدقائك، مثل الجري ولعب كرة القدم أو كرة السلة، فهذه وجدت أنها ذات قيمة علاجية فعالة في إزالة الخوف والقلق وتحسين المزاج. كذلك المشاركة في الدروس وحضور حلقات التلاوة أيضاً هو ذو عائد نفسي إيجابي مهاراتي كبير.

وهناك أمر ضروري وهو أن تتذكر مستوى التحسن الذي وصلت إليه، هذه نعمة كبيرة وهذا يجب أن يكون محفزاً بالنسبة لك لمزيد من التحسن، وأما عقار (ايوراكس Aurorix) والذي يسمى علمياً باسم (ماكلوبمايد Moclobemide) هو من الأدوية الجيدة لعلاج الرهاب والخوف الاجتماعي، ويتميز أنه لا يؤدي إلى أي زيادة في الوزن، ولا يؤثر على الأداء الجنسي، كما أنه لا يؤدي إلى الشعور بالدوخة أو النعاس.

وأنت لم توضح الجرعة التي تتناولها الآن، ولكن سيكون من المفيد أن ترفع الجرعة إلى ثلاثمائة مليجرام صباحاً ومساءً، أي تكون الجرعة الكلية ستمائة مليجرام في اليوم، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم بعد ذلك لا مانع أن تخفض الدواء بمعدل مائة وخمسين مليجراماً كل ثلاثة أشهر، ولا أعتقد أنك في حاجة مطلقاً إلى (أولانزبين Olanzapine) فهو دواء يستعمل في حالات الذهانية كأمراض الفصام أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وأنت بفضل الله تعالى لا تعاني من أي من هذه الحالات الذهانية.

وهناك دواء بسيط يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، لا مانع أن تتناوله بجرعة حبة صباحاً وحبة مساءً لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة مساءً لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

الحبة تحتوي على نصف مليجرام فقط، وهذا الدواء هو دواء بسيط وسليم وإن شاء الله يدعم فعالية الـ(Aurorix) في علاج القلق والتوتر الذي تعاني منه.

أرجو تطبيق الإرشادات السابقة وتناول الدواء بالصورة التي وصفناها لك، ونحن على ثقة كاملة بإذن الله أنك سوف تشفى تماماً، وعليك أن تتذكر هذه الإيجابيات وهذه الإنجازات العظيمة التي أدركتها في حياتك.

نسأل الله لك المزيد من التوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً