الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الطلاق ورفض الرجوع إلى الزوج

السؤال

أحبتي في الله أرجو رداً سريعاً، شاب مسلم والحمد لله أطيع الله ما استطعت والله على ما أقول شهيد... من أصل عربي ومقيم في بلد أوروبي للدراسة تعرفت على فتاة من أصل تركي مولودة بهذا البلد مطلقة ولها بنت سنها 7 سنوات، نشأت زوجتي في عائلة غير ملتزمة دينيا والإنسان يولد على الفطرة... طلبت منها قبل الزواج أن تلتزم بالصلاة وأن يكون لباسها أقرب إلى التدين كمرحلة أولى فسعت في ذلك وكانت لي خير زوجة ولأهلي خير بنت، خلال سنة الزواج حاولت تقريبها أكثر إلى الدين فكانت أحيانا ترى أني شديد الالتزام وحين أقول لها إن بعض تصرفاتها قبل زواجنا كانت حراماً مثل الحجاب أو إهمال الصلاة أو مصافحة الأجانب ولا بد من التوبة ترى ذلك إهانة لها ولماضيها فهي على خلق ولكنها غيرملتزمة دينيا وتقول ما ذنبي أني ولدت في هذه الأسرة وفي هذا البلد، كثرت حواراتنا حتى فيما يخص تربية ابنتها، منذ 4 أشهر طلبت مني الطلاق بدعوى أنها مرضت ولن تستطيع الإنجاب ولما طلبت مرافقتها إلى الطبيب رفضت وتأكدت بعدها أنها بذلك تريد إقناعي بالطلاق، طلقتها طلقة واحدة ثم راجعتها في العدة بالقول وكانت رافضة ونحن الآن منفصلان في السكن، زوجتي ترى أنها لا تستطيع أن تغير أسلوب حياتها وأن اختلافاتنا في هذا المجال ستجلب لنا المشاكل خصوصا إذا صار لنا أطفال لذلك فهي تصر على الطلاق وتريد أن تعيش فقط مع ابنتها ولن تفكر ثانيا في الزواج والإنجاب، سنها 29 سنة وهو سني أيضا ومن أسباب طلاقها الأول أن طليقها كان من الملحدين وهي في البداية لم تكن مهتمة بذلك ومع تعرفها على أصدقاء شبه ملتزمين كثرت معه المشاكل مما أدى إلى الطلاق، وهو ما شجعني عليها أكثر في البداية، أشك أن في الأمر سحرا أو عينا وهي لا تتقن العربية لتقرأ القرآن أو تفقهه حين يقرأ عليها ولا أعرف من أثق بعلمه ليرى إن كان شكي في محله، يؤلمني أن أفارقها وأن أراها على طيبتها في هذا الظلال ولم أر إلا أن أتجه أكثر إلى الله بالدعاء والصلاة خصوصا أننا في شهر رمضان الكريم، فما هو حكم زواج زوجتي الأول وهل لها عذر في ذلك لجهلها بالدين، هل ابنة زوجتي تعتبر من الزنى، ما كفارة ذلك، ما إثمها في طلب الطلاق، وهل أنا آثم إن تركتها على ذمتي، هل لدعائي أثر مع علمي أني لا أهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، لقد حاولت بكل الطرق دون جدوى، فأرجو النصيحة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الحكم على زواج امرأتك الأول يتوقف على التحقق من كفر زوجها، وعلى كل حال إن كانا يعتقدان صحة نكاحهما فإنه يكون نكاح شبهة، وبناء عليه فالبنت بنته، وأما زوجتك فقد عادت إلى عصمتك بإرجاعك إياها، وينبغي أن تسلك معها أساليب هينة لينة وتتدرج معها فيما تريد التزامها به، ولا يجوز لها أن تسألك الطلاق دون لحوق ضرر بها ولك أن تطلقها أو تبقيها في عصمتك وذلك أولى ما لم تستحل العشرة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحكم على كون زواج امرأتك بمن وصفته بالإلحاد صحيحاً أو غير صحيح يتوقف على التحقق من كفره وهل هو كافر أصلي أو أنه كان مسلماً وارتد عن الإسلام، أما البنت فإن كانا يعتقدان صحة النكاح فإنها ابنته لاحقة به، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 16674.

وعلى زوجتك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً من تقصيرها في حق الله ومما ارتكبته فيما مضى وتصلح حالها وتغيره فيما بقي، ولكن ينبغي لك أن تكون حكيماً معها في ذلك ولا تشدد عليها وتلزمها بتطبيق الإسلام واجباته ومندوباته كلها جملة فتدفعه كله جملة بل تدرج معها في ذلك وابدأ بالأهم فالمهم، وانظر الفتوى رقم: 47816، والفتوى رقم: 67345.

واعلم أنها لا تزال زوجة لك باقية في عصمتك لمراجعتك إياها بالقول أثناء عدتها وليس لها أن ترفض ذلك لقول الله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228}، ولا يجوز لها أن تسألك الطلاق دون ضر أنزلته بها كما بينا ذلك الفتوى رقم: 2019.

ولا إثم عليك في طلاقها ولا في إبقائها تحت عصمتك وإن كان ذلك هو الأولى ما لم تستحل العشرة بينكما، وانظر الفتوى رقم: 12963.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني