الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التخصص الطبي والالتزام بالشرع

السؤال

أنا طالب بكلية الطب بتونس وفقني الله ، وأكملت سبع سنين الأولى طب عام، ثم نجحت في امتحان التخصص، والحمد لله حيرتي الآن هي في اختيار التخصص، فالذي أطمح إليه هو عمل فرض كفاية كالجراحة العامة، جراحة الكلى و المجاري البولية...
المشكلة أنني سأتعرض إلى محرمات ككشف العورات بغير ضوابط، والاختلاط، و بعض الممارسات الطبية التي اختلف علماؤنا في شرعيتها والكثير من العادات الأخرى السيئة لبعض الزملاء و الممرضين أو المتربصين...وسأضطر لأداء صلاة الظهر و ربما أحيانا العصر منفردا في المستشفى [في الوقت الاختياري بالطبع] نظرا لطبيعة العمل و كثرته. و لا يمكن لي إصلاح هذا الوضع إلا بعد أربع سنوات على الأقل أي بعد الحصول على شهادة طبيب أخصائي فأصبح متمتعا بحكم ذاتي و صاحب قرار في عملي، فأستطيع نهي شخص دون درجتي المهنية لهذه الأفعال في المستشفيات العامة، أو في القطاع الخاص و ترتيب أوقات العمليات الجراحية لأداء الصلاة في المسجد.أما قبل ذلك فأقصى ما يمكنني فعله هو الإنكار بقلبي ثم من حين إلى آخر نصح بعض الممرضين و المتربصين بحذر شديد، لأن هناك من ينقل الكلام إلى رئيس القسم أو حتى الناظر العام للمستشفى. أما الحديث إلى هؤلاء مباشرة فلا مجال إليه ( كالنظام العسكري)، وهذا ليس من باب المبالغة.( فالكثير منهم تارك الصلاة أصلا). و أمام هذه العراقيل، أفكر أحيانا في اختيار تخصص طبي مندوب كطب العيون أو الأنف و الأذنين و الحنجرة... ،أو حتى المباح كالمخابر الطبية فأستطيع البعد عن هذه المحرمات ، والمحافظة على كل الصلوات في المسجد لكن لن أضيف شيئا للمسلمين ، ولن أساهم في إصلاح هذه الأمة ثم سأترك إخواني و أخواتي بين أيدي أطباء الكثير منهم جاهلون للأحكام الشرعية لمهنتهم.مع العلم أني اطلعت على فتاوى موقعكم وفتاوى لابن باز و ابن عثيمين رحمهما الله و لمواقع صديقة أخرى، ولم أجد الجواب. أفيدوني يأجركم الله فيما يتعلق بشخصي أما بالنسبة للسلطات والمؤسسات وما عليها من واجبات لإصلاح الأمة فقد اطلعت عليه.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا يجوزالاطلاع على العورات إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعا، ومن ذلك الاطلاع عليها حال التطبيب ونحو ذلك، وقد تقتضي المصلحة الراجحة أن يعمل في هذه المجالات بعض أهل الاستقامة ، وعلى المسلم الذي ابتلي بمثل هذا أن يتقي الله ما استطاع فلا يكشف من العورات إلا ما تقتضي الضرورة أو الحاجة كشفه ، وعليه أن يقوم بإنكار ما يرى من منكرات قدر استطاعته . وصلاة الجماعة واجبة على الراجح ، فعلى المسلم أن يحرص عليها، فإن وجد عذر معتبر شرعا فلا حرج عليه في التخلف عنها، مع المحافظة على أداء الصلاة في وقتها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الأصل أنه لا يجوز للمسلم الاطلاع على العورات إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعا، ومن ذلك ما يحدث من الاطلاع عليها عند التطبيب ونحو ذلك . وبما أن في الأمر نوعا من التعقيد في هذا الزمن فإنه قد يحتاج إلى نوع من التأني والنظر، فإن ترك مثل هذه المجالات لبعض من لا خلاق لهم ربما كان سبيلا لانتشار الفساد بسبب عدم مراعاتهم لضوابط الشرع في مثل هذه الحالات .

ومن هنا فقد تكون المصلحة أحيانا تقتضي أن يسير في مثل هذه التخصصات أهل الاستقامة ومن يوثق بدينهم ومن يستطيع أن يجنب الأمة الكثير من المفاسد ، ولذلك فإن أنست من نفسك الأهلية لتقديم ما يفيد الأمة في هذا المجال ، وأمنت على نفسك الفتنة فتوكل على الله وباشر دراسة هذا التخصص ، وسدد وقارب فيما يتعلق بأمر الدعوة وإنكار المنكر قدر المستطاع. ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتاوى: 38536، 7764، 72925.

وبخصوص صلاة الجماعة فهي واجبة على الراجح ، فيجب عليك الحرص عليها ، وإن وجد في العمل عذر معتبر شرعا يبيح لك التخلف عنها فلا حرج عليك في التخلف عنها مع المحافظة على أداء الصلاة في وقتها المحدد لها شرعا. وراجع الفتوى رقم: 1798.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني