الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من يريد إنشاء عمل من مال جمعه من حرام

السؤال

جزاكم الله خيراً على إجابتي .. لي سؤال فعلا أخشى أن يكون خطا أساسا.. لكن تحملوني لأني والله مشتت والفتن تحوم حولي ببشاعة فى بلدي... سؤالي هو: أنا أعمل فى القمار إذ إنه مباح ومحترم فى بلدي الإسلامية والعديد من المرات أتوب وأترك. وكل مرة أترك فيها يعلم الله صدق توبتي. تنقلت فى الوظائف الحلال وتحملت الابتلاء حتى طلبت مني زوجتي الطلاق أو أرجع للعمل الحرام بحجة أننا مضطرون. لم أخضع وبعد نصح ودعوة قدر ما استطعت طلقتها. واستمررت فى طريقى. ولكني وجدت أن كل المؤسسات الحلال التي أذن الله لي بالعمل فيها لا تتحرى الحلال. إذ إن الحلال أصبح شبه معدوم فى بلدي تقريبا. وأؤكد لفضيلتكم أني كنت فعلا صادق النية مع الاستعانة بالقيام والطاعات ما استطعت، ولا مجال للرياء. فقد طلقت زوجتي وانقطعت تقريبا عن المجتمع الذي يراني كله غريبا. لأني أطلب الحلال، فانا مجنون بحكمهم بعد بحث ودعاء وصلت إلى أن أترك هذا البلد إلى بلد أأمن فيه من الفتنة فى الدين، ولكن لم أجد وسيلة. فبصراحة رجعت إلى هذا العمل الخبيث على أن أجمع المال الكافي لترك هذا البلد. وخدعت نفسي بأني سوف أتماسك أمام الفتن لفترة هذا الجمع. الآن أنا تركت مرة أخرى لأني اكتشفت بنفسي أن هذا يجرني للغوص فى المتاهات والمعاصى. سؤالي: هل يجوز أن أهاجر من هذا البلد باستخدام هذه الأموال، على صفة أنها حيلة للفرار بالدين، أم أنني أتخلص منها وأمكث حتى تأتيني الفرصة من جهة أخرى، مع العلم بأني آخذ منها قدر ما أعيش به وأبحث حتى الآن عن الحلال فى بلدي وقد تعذر فعلا بطريقة غريبة.وأنا ذكرت لكم فقط انتشار الحرام فى بلدى ولكن ينتشر بجانبه الزنا والخمور والربا والكثير من الموبقات وهي مستحلة.. ناهيك عن أنني إذا بحثت عن الصحبة الصالحة قد أجدها فى السجون. أعتذر عن إطالتي ولكن الموضوع جد مهم. فأفيدوني حفظكم الله من الفتن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. واعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يعمل في القمار، فعليك بالتوبة إلى الله من ذلك، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة:90-91}.

ولا نوافقك على أن الحلال لا يكاد يوجد، فإن الحلال ممكن وميسور على من صدق مع الله في طلبه.

وبالنسبة للمبلغ الذي جمعته من هذا العمل فهو محرم من حيث الأصل، ولكن إذا كنت لا تملك غيره فلك أن تأخذ منه بالقدر الذي يمكنك من عمل مشروع حلال تتكسب منه الحلال. وراجع للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 80848، والفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 5904، والفتوى رقم: 1080.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني