السؤال
بنى والدي عمارة من 5 شقق، سكن واحدة وأسكن فيها إخوتي الذكور الأربعة وجميعهم متزوجون، وقد ساهموا بجزء من النفقات بما يعادل نصف كلفة الشقة لكل واحد باستثناء أصغرهم لم يدفع شيئاً، والباقي من والدي، ثم فرز والدي الشقق وسجلها بأسماء إخوتي وتحمل كل منهم حصته من الرسوم المترتبة على ذلك، فهل في ذلك حرام فيما فعل والدي من حيث حرمان البنات من حقوقهن وعددهن أربعة، أم أنه حر في التصرف بماله ما دام حياً، وأرجو بيان ما يقاس على ذلك من حيث أن تعطي المرأة مثلاً بعضا من حليّها لبناتها دون أولادها، وهي لا زالت على قيد الحياة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرت أن أباك قد فعله من تسجيل الشقق بأسماء أولاده الذكور إلا واحداً، وحرمان جميع بناته منها، وتوليه هو دفع نصف تكلفة الشقق.. يعتبر تخصيصاً منه لبعض أولاده بالهبة دون بعض، ومفاضلة الأب في العطايا بين الأولاد ذكوراً كانوا أو إناثاً لا تجوز بدون مسوغ شرعي.
روى النعمان بن بشير: أن أباه وهبه شيئاً ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهد على ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال: فلا تشهدني، فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم.
ثم إن تفضيل الذكور على الإناث هو خصلة من خصال الجاهلية التي جاء الإسلام ليطهر الناس منها، اللهم إلا إذا كان تخصيص أولئك بالهبة له مسوغ شرعي، كأن يكونوا فقراء دون من سواهم، أو يكونوا أكثر عيالاً، أو نحو ذلك... فالواجب على هذا الأب أن يتوب إلى الله تعالى -إذا لم يكن له مبرر شرعي- ويصلح ما أفسد، بأن يعدل في توزيع العطايا، فيعطي بناته كما أعطى أبناءه.
وقال بعض العلماء كمحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والمالكية: العدل أن يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، والقول بالتسوية بين الذكر والأنثى في العطية هو الأظهر والأقوى لحديث: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
ثم قوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية. يشمل الأمهات فلا يجوز للأم أن تفاضل بين أولادها ذكوراً كانوا أم إناثاً لا في الحلي ولا في غيره، إلا أن تكون بعض البنات بحاجة إلى الزينة فتعطيهن شيئاً يسيراً يسد حاجتهن دون مبالغة أو زيادة على قدر الحاجة.
والله أعلم.