الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف يصلي من يخشى خروج الريح لو صلى قائما

السؤال

أنا كنت أتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها لأن خروج الريح عندي كان كثيراً (سلس الريح)، وخصوصا عند الوضوء أو أثناء الصلاة حتى أنني أتخيل أن الريح لا تخرج تقريبا إلا عند الوضوء وفي أثناء الصلاة ومكثت على ذلك فترة من الزمن أسير على أساس أنني أعاني من سلس الريح وأمشي بالحكم الخاص به، ثم اكتشفت بعد تفكير أن سبب خروج الريح هو ضغطي على معدتي سواء أثناء رفع القدم لغسلها في الوضوء أو أثناء السجود للصلاة ولذلك فأغلب الصلوات التي كنت أصليها كانت الريح تخرج مني عند هاتين الحالتين أو في إحداهما، فهل صلاتي تكون باطلة بهذا الشكل وتجب إعادتها لأنني عرفت بعد ذلك أنه كان يجب علي في الصلاة أن أومئ برأسي وألا أسجد طالما كان السجود هو السبب في فقداني للطهارة، فهل على هذا الأساس يجب علي إعادة الصلوات، مع العلم بأنني أقرأ كثيرا في مسائل الشرع خوفا من أن أقع في خطأ أي أنني لم أقصد التقصير في معرفة الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخروج الريح ناقض للوضوء، وإذا حصل للمصلي أثناء صلاته بطلت الصلاة، لانتقاض الطهارة التي هي شرط من شروط صحة الصلاة، وهذا حيث كان خروج الريح طبيعياً، أما إذا كان الخروج مستمراً بحيث لا يعلم الشخص أنه ينقطع فترة معينة يتمكن فيها من الطهارة وأداء الصلاة في وقتها فحكمه حكم السلس، فيتوضأ صاحبه للصلاة بعد دخول وقتها، ويصلي الفريضة وما شاء بعدها من نوافل، ولا يضره خروج الريح وإن خرجت أثناء الصلاة ما لم يكن قد تعمد إخراجها.

وإذا كان يأتي عليه وقت يتوقف فيه عنه خروج الريح توقفا يتمكن معه من الإتيان بالطهارة والصلاة، فيجب عليه أن يرجئ الصلاة إلى ذلك الوقت.

وعليه؛ فما ذكرت أنك كنت تفعلينه من الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها، هو الحكم المناسب في حقك، طالماً أن خروج الريح كان ملازماً لك في الوضوء وفي أثناء السجود للصلاة.

وما عرفته بعدُ من أنه كان يتوجب عليك في الصلاة أن تومئي برأسك ولا تسجدي طالماً كان السجود هو السبب في فقدانك للطهارة، هو صحيح من وجه؛ إذ لو كان الناقض الوحيد للوضوء عندك هو السجود لكان الحكم كما ذكرت؛ لأن المحافظة على شرط الصلاة أولى من المحافظة على ركنها.

قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: يجب بفرض قيام إلا لمشقة أو لخوفه به فيها أو قبل ضرراً كالتيمم، كخروج ريح.

قال الشيخ الخرشي شارحاً: .... والمعنى أنه يجب بفرض قيام إلا لمشقة أو خوف ضرر أو خروج ريح بالقيام والأمن من ذلك بالقعود فيصلي قاعداً، قاله ابن عبد الحكم؛ إذ المحافظة على الشرط الواجب في كل العبادة أولى من المحافظة على الركن الواجب في الجملة. انتهى.

ولكنك ذكرت أن خروج الريح يحصل لك أيضاً في الوضوء، وبالتالي فالطهارة منتقضة قبل الدخول في الصلاة، والحاصل أنك إذا كنت تستطيعين الوضوء دون أن تخرج الريح فالواجب في حقك هو الإيماء، وإن كانت الريح لا بد أن تخرج أثناء الوضوء والسجود فابقي على ما كنت عليه لأن المحافظة على ركن الصلاة هي الواجبة في حقك، طالما أنك لا تستطيعين المحافظة على شرط الصلاة.

وفي خصوص الصلوات السابقة فعلى تقدير صحتها فالأمر واضح، وعلى تقدير البطلان فلو أعدت الصلاة احتياطاً لكان ذلك أبرأ لدينك، ومع ذلك فإنا لا نلزمك الإعادة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم المسيء صلاته بإعادة صلواته السابقة، فهو معذور بالجهل.

وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 13806.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني