الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معنى ما ورد عن عمر من أنه كان يفتل شعر شاربه وينفخ فيه

السؤال

ورد في الاثر أن عمر رضي الله عنه كان يفتل شاربه وينفخ فيه. فكيف كان ينفخه ويفتله ؟ وهل هذا يناقض السنة في الشارب في قصه حتى يبدو الإطار ؟أم كيف كان يقصه ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ما ورد عن عمر رضي عنه من أنه كان يفتل شاربه وينفخ فيه أحيانا يدل على أنه كان يطيله، وهذا محمول عند بعض أهل العلم على أنه كان يتركه حتى يطول ويمكن فتله ثم يحلقه أو يقصره، وقيل إنه كان يقص وسطه ويترك طرفاه حتى يطولا.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ثبت عن رسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالأخذ من الشوارب، وأن ذلك من خصال الفطرة، وجاء الأمر بذلك بعبارة الإحفاء والتقصير، واختلف أيهما هو الأولى والذي رجح النووي وغيره من المحققين أن التقصير أولى؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم:46032.

أما ما ورد عن عمر رضي الله عنه من أنه كان يفتل شعر شاربه وينفخ فيه فقد رواه مالك عن زيد بن أسلم، ومعنى ذلك أنه كان يطيل شعر شاربه، فإذا اهتم أو غضب نفخ الشعر وربما فتله، وقد أجاب بعض العلماء عن عمل عمر هذا باحتمال أنه كان يترك شاربه حتى يطول ويمكن فتله، ثم يقصره، وذكر بعض أهل العلم أيضا أنه لا بأس بإبقاء الشارب على حاله في زمن الحرب إرهابا للعدو.

قال الحافظ ابن حجر: قد روي مالك عن زيد بن أسلم أن عمر كان إذا غضب فتل شاربه، فدل على أنه كان يوفره، وحكى ابن دقيق العيد عن بعض الحنفية أنه قال: لا بأس بإبقاء الشوارب في الحرب إرهابا للعدو. انتهى

وقال ابن عبد البر في كتاب التمهيد: قال الطحاوي: وما احتج به مالك أن عمر كان يفتل شاربه إذا غضب أو اهتم، فجائز أن يكون كان يتركه حتى يمكن فتله ثم يحلقه كما ترى كثيرا من الناس يفعله.

ومن أهل العلم من يرى أن ما وري عن عمر إنما هو في ترك طرفي الشارب وهما السبالان. قال العراقي رحمه الله في طرح التثريب: اختلفوا في كيفية قص الشارب هل يقص طرفاه أيضا وهما المسميان بالسبالين، أم يُترك كما يفعله كثير من الناس. فقال الغزالي في إحياء علوم الدين: لا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب، فعل ذلك عمر رضي الله عنه وغيره لأن ذلك لا يستر الفم ولا يبقي فيه غمرة الطعام إذ لا يصل إليه. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني