السؤال
ذات يوم تشاجرت مع أمي لأنها أوقفت عني المصروف وقلت لها والله لن تري الخير في حياتك بقصد الدعاء عليها ولكن مع ذلك ندمت ندما شديدا وذهبت إليها واستسمحتها فسمحت لي ودعت لي بالخير فهل لي من توبة وهل هذا الحلف هو يمين أم مجرد دعاء مع العلم أن علاقتي بأمي متينة جدا وهي تحبني كثيرا وأنا كذلك غير أنني أنا شديد الغضب وأنا أكره ما أنا عليه. فأرجو المساعدة؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
التشاجر مع الوالدة وتغليظ القول لها.. من أكبر الكبائر، ومن تاب تاب الله عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلاشك أن التشاجر مع الأم ورفع الصوت والدعاء عليها كل ذلك من العقوق الذي هو من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب التي حذر الله عز وجل منها في محكم كتابه وعلى لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- حيث يقول سبحانه وتعالى:.. فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24}.
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
ولذلك فإن العاق لوالديه على خطر عظيم وخاصة الأم التي يجب أن يكون لها مزيد من البر والاحترام..
وما دمت قد تبت إلى الله تعالى وندمت على ما صدر منك وسامحتك أمك ورضيت عنك فإن التوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.. ولكن عليك أن تحافظ على بر أمك ورضاها، فقد جاء في شعب الإيمان مرفوعا: رضى الله من رضى الوالدين و سخط الله من سخط الوالدين.
وأما قولك: والله لن تري الخير.. بقصد الدعاء.. فالظاهر- والله أعلم- أنه ليس بيمين منعقدة ؛ فهو حلف على غيب وهذا أقرب إلى التألي على الله والتحكم عليه والقول بغير علم.. وكل ذلك لا يجوز؛ ففي صحيح مسلم مرفوعا: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك.
وعلى كل حال فإن عليك أن تحفظ لسانك وتتوب إلى الله تعالى وتتقرب إليه بما استطعت من النوافل وأعمال الخير.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31534، 51872، 16531 107035.
والله أعلم.