الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة وعدم تمني الموت والحذر من اليأس

السؤال

إخواني أنا محمد من فلسطين وأقول لكم وكلي خجل من نفسي ومن الله عز وجل لأن الله يحب الستر, ولكني والله تعبت من نفسي , فأنا شاب في العشرينيات من عمري وقد أقمت علاقة مع امرأة متزوجة وأنا والله مشهود لي بالإيمان والصلاح والله إني أخاف الله أكثر من أي واحد ودائم الذكر للموت والتفكر ولكني زللت وأوقعني الشيطان بشباكه, وتبت من هذا العمل وندمت ندما شديدا ولكني عاودت إليه وفي كل مرة أندم ندما شديدا وأبكي بكاء الدنيا كلها على نفسي الخاطئة والآثمة وكما قلت لكم والله إني شاب من شباب المساجد ولكني وقعت ولا أدري ما أفعل بنفسي الشريرة وأتمنى الموت في كل لحظة والمصيبة أني خطبت من فترة قريبة وأشعر بندم شديد لأني لا أستحق هذه الفتاة لكوني أقدمت على هذا الفعل الشنيع . أرجوكم إخواني أن ترشدوني فأنا متعب جدا وأريد حلا لهذه المشكلة . فرج الله همومكم وأحسن خواتيمكم وهداكم لما يحب ويرضى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ارتكاب الذنوب والتفريط في جنب الله مما يقسي القلب ويبعد المرء من ربه فالحذر الحذر لئلا يدركك الموت وأنت على حين غفلة، فسارع إلى التوبة النصوح وخذ بأسباب الاستقامة عليها وجانب مسالك الوقوع في المعصية، واحذر خطوات الشيطان، وأكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، ولازم صحبة الأخيار فإنك إن فعلت ذلك مع المداومة على الالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه فلن تغلبك نفسك ولن يكون للشيطان عليك سبيل بإذن الله تعالى، ثم لا تقنط من رحمة الله تعالى، بل إن الله يقبل توبة عبده ويغفر خطيئته وزلته.

وقد قال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فمن تاب تاب الله عليه وإن استزله الشيطان في غفلة فإنه يجب عليه أن يتوب ويعزم عزما جازما ألا يعود ولا يضره ذلك الاستزلال ما دام يحسن التوبة الصادقة النصوح بشروطها المعروفة، فكل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون كما في الحديث، فاستتر بستر الله عليك، وأبشر بتوبته ومغفرته

فإنه يقول: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً.{النساء:17}

وقال: ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ {التوبة:118}

فأحمده سبحانه أن وفقك للتوبة وهداك للإنابة إليه، واعلم أن تلك نعمة عظيمة ومنة جليلة فاحمده عليها واشكره يزدك من فضله ويشملك بلطفه وإنعامه.

ولا تتمنى الموت فقد جاء النهي عن ذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي . رواه البخاري.

واحذر من اليأس والقنوط فإن ذلك من مداخل الشيطان، وأما الفتاة التي خطبتها فننصحك بالحرص عليها والزواج بها ما دامت ذات خلق ودين ولا تحتقر نفسك بسبب ما وقعت فيه من الخطأ فإنه قد زال بالتوبة وأنت رجل صالح نحسبك كذلك لما ذكرت من انكسارك عند الذنب وتحسرك على الخطيئة، وتلك سيما الصالحين، فانس ما فات لأن التوبة قد محته وأحسن فيما يستقبل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني