السؤال
ذهبت للتدرب في أحد البنوك الربوية لمدة ثلاثة أشهر بغرض الحصول على شهادة تساعدني في العمل و بعد أن بدأت التدرب علمت بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كاتب الربا وشاهده أيضاً ملعون وسمعت شيخاً يقول إن كل ما يتصل بالربا في البنك حتى وإن كان إدخال البيانات على الحاسب الآلي فهو حرام ومن الأفضل تركه فأصبحت في حيرة من أمري خاصة أنني كنت أتدرب في قسم المراجعة و أوزع الأوراق على جميع أقسام البنك العادية و الربوية بعد أن أدون عدد الصفحات المرسلة لكل قسم ولم أعرف ماذا أفعل وهل ما أفعله حرام وقال لي بعض الناس أكملي تدريبك لتحصلي على الشهادة ثم أخرجي من ذلك المكان وللأسف فقد أكملت التدريب وأدعو الله أن يغفر لي ويعفو عني، ولكن هناك أمر آخر فمنذ أن قبضت المرتب وأنا لم أنفق منه شيئاَ ولا أعلم هل هو حلال أم حرام على الرغم من حاجتي و أهلي لما يعيننا كما أنني أنفقت من مال أخي في المواصلات ما يعادل تقريباَ نصف المرتب الذي قبضته من البنك ولا أعرف ماذا أفعل بالمال حتى أنني منعت أمي من إنفاقه في المنزل خشية أن نطعم أو نلبس من حرام فهل هو حرام و يخرج كصدقة بنية التخلص من المال الحرام أم هو حلال أم نتصدق به على الفقراء، وهل يجوز أن أنفقه في البيت علما بأن والدي يرحمه الله لنا ميراث منه ولكنه مجمد كمنزل وغيره وليس مالا ولم نبع الميراث أو نقسمه حتى الآن وأخي الأكبر هو الذي ينفق علينا وهو مصدر الدخل لنا فهل يجوز أن أنفق المال لحاجتنا له أم أن وجود ميراث لنا يجعلنا غير مستحقين و في غير حاجة. وجزاكم الله خيراَ
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا المال الحاصل عن طريق العمل في بنك ربوي مال حرام لأنه من كسب حرام، وقد أحسنت – أحسن الله إليك – حين منعت إنفاقه في المنزل خشية أن تطعموا أو تلبسوا من حرام.
والواجب عليك التوبة إلى الله من عملك في بنك ربوي والتخلص من المال الحرام بصرفه في وجوه الخير كالفقراء والمساكين بنية التخلص من المال الحرام لا بنية التقرب إلى الله بالإنفاق في سبيله لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإذا كنتم محتاجين فأنتم أحد وجوه صرفه فلكم دفع الحاجة منه، والذي يظهر أن إنفاق الأخ عليكم ووجود الميراث الذي لم تقسموه مغن لكم عن هذا المال إذا كان الميراث فيه كفاية ويمكن الوصول إليه, فإن كان الأمر كذلك فلا يحل لكم الإنفاق منه على أنفسكم لأنه مال حرام، وقد جاء التحذير من الانتفاع بالحرام فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وَقَالَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ. رواه مسلم.
وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 67100.
والله أعلم.