الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رد السلام على أصحاب المعاصي ومن ثبت فيه اللعن

السؤال

هل يجوز عند رد السلام على من ثبت فيه اللعن بنص الآية أو الحديث قول ورحمة الله وبركاته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك أولاً إلى أن المسلم لا يجوز لعنه بعينه على القول الراجح من أقوال الفقهاء وهو قول أكثرهم، وإن كان من أهل المعاصي والكبائر، لأننا لا ندري بما يختم له، وإنما يجوز لعن أصحاب المعاصي -ممن ثبت لعنهم بالدليل الشرعي- على وجه العموم.

وعليه؛ فيجوز رد السلام مع قول ورحمة الله وبركاته، وهو من قبيل الدعاء لهم لعل الله يرحمهم بترك ما استحقوا بسببه اللعن ويتوب عليهم...

كما أنه يشرع في بعض الأحيان أن يترك رد السلام عليهم كلية، وذلك إذا كان في هجرهم حصول مصلحة في ارتداعهم وتركهم للمنكر، وإن كان الأمر مستوي الطرفين أي أن هجرهم أو عدم هجرهم لا يدعوهم إلى الخير، ولا يردعهم عن الشر فالأولى هجرهم، لأن المسلم مأمور بإنكار المنكر حسب وسعه، ومن ذلك أن يهجر صاحب المنكر حتى ينتهي عنه ويظهر توبته، ما لم تترتب على هذا الهجر مفسدة راجحة، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 14139.

وأما إن كنت تقصد من ثبت لعنهم من اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار فرد السلام عليهم على هذا النحو (إذا كانوا قد سلموا بمثل ذلك) مما اختلف في جوازه، فذهب بعض أهل العلم ومنهم النووي إلى أنهم لا يزداون على (وعليكم) وحجته عموم الأحاديث الآمرة بالرد عليهم بذلك، مثل حديث الصحيحين: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم.

ونقل ابن حجر في الفتح عن بعض الشافعية أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم (عليكم السلام)، كما يرد على المسلم، ولكن لا يذكر فيه الرحمة، واحتج بقوله تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ {الزخرف:89}.

وذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة: أن الكتابي إن قال السلام عليكم ورحمة الله فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يرد عليه بنظير ما قال، وعلل ذلك قائلاً: فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا. فندب إلى الفضل وأوجب العدل. انتهى..

وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 74314.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني