السؤال
ما حكم التفريق بين الرجال والنساء في المسجد حيث يكون بينهم حائط أو حجاب أو نحوه ؟ هل الأفضل أن يصلوا معا ؟ متى بدأ التفريق بينهم في المسجد ؟
ما حكم التفريق بين الرجال والنساء في المسجد حيث يكون بينهم حائط أو حجاب أو نحوه ؟ هل الأفضل أن يصلوا معا ؟ متى بدأ التفريق بينهم في المسجد ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفصل بين الرجال والنساء بحائل كستر أو جدار أو نحو ذلك أمرٌ حسن موافقٌ للمقاصد العليا للشريعة، فإن الشرع المطهر يتشوف إلى تقليل الاختلاط بين الرجال والنساء وجعله في أضيق نطاق، وهذا الفصل وإن لم يكن موجوداً زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد وردت في السنة المطهرة احتياطاتٌ للفصل بين الرجال والنساء مشابهةٌ لهذا المعنى، والمقصود منع الاختلاط أو تقليله، فبأي سبيل حصل ومن أي وجهٍ تحقق فقد حصل المقصود.
وهاكَ جملة من الأحاديث وأقوال العلماء تدل على وجود هذه الاحتياطات في السنة المطهرة، فقد قال النبي – صلي الله عليه وسلم –: خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا. رواه مسلم.
قال النووي – رحمه الله -: وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال، ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم ، وسماع كلامهم، ونحو ذلك , وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. انتهى.
وعن ابن عمر قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ، قَالَ نَافِعٌ: فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي عون المعبود: لو تركنا هذا الباب: أي باب المسجد الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم . للنساء: لكان خيراً وأحسن، لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد، والحديث فيه دليل أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال، بل يعتزلن في جانب المسجد، ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام, فكان عبد الله ابن عمر أشد اتباعا للسنة, فلم يدخل من الباب الذي جعل للنساء حتى مات. انتهى.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيراً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وهو الزهري: فَأُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنِ انْصَرَفَ مِنَ الْقَوْمِ . رواه البخاري.
قال السندي – رحمه الله – في بيان سبب مكثه صلى الله عليه وسلم بعد السلام - :أي: ليتبعه الرجال في ذلك ، حتى تنصرف النساء إلى البيوت، فلا يحصل اجتماع الطائفتين في الطريق . حاشية سنن ابن ماجه والأحاديث في الباب كثيرة .
وهذه النصوص تدل على مشروعية اتخاذِ أي احتياطٍ ممكن يتحقق به مقصود الشرع من منع اختلاط الرجال بالنساء أو تقليله شريطةَ ألا يؤثر ذلك في صحة اقتداء النساء بالإمام ومتابعتهن له.
وأما عن الوقت الذي بدأ فيه هذا الفصل فأمرٌ يصعب تحديده وليست معرفته ذات كبير جدوى، إذ المهم معرفةُ الحكم الشرعي وقد تبين، وللمزيد تراجع الفتوى رقم: 63398 .
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني