الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الكذب لضرورة ماسة أو لمصلحة معتبرة

السؤال

أنا شاب مغربي في التاسعة عشر من العمر إن شاء الله عندي عطلة من 2 من شهرأغسطس إلى 2 من سبتمبر, ورمضان الكريم يبدأ والله أعلم من 1سبتمبرإلى 1 أكتوبر, وأريد إن شاء الله أن أذهب إلى بلدي (المغرب) لقضاء رمضان الكريم هناك, ولكن الشركة التي أعمل فيها لن تقبل أن أذهب في شهر رمضان لكثرة العمل فيه, ولأنها تغلق أبوابها في شهر أغسطس إلى سبتمبر. و أنا لا أريد أن أقضي رمضان في هذا البلد (فرنسا) لكثرة المنكر فيه .هل يجوز لي الكذب عليهم لكي يتركوني لقضاء رمضان الكريم في بلدي (المغرب).وما هي كفارة الكذب ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الكذب حرام لا يجوز إلا لضرورة ماسة أو مصلحة معتبرة لا ضرر فيه على أحد، لا يمكن الوصول إليها بغيره.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يثبتك على الإيمان ويحفظك من كل مكروه..

ولتعلم أنه من المعلوم بالضرورة عند كل مسلم أن الكذب حرام وأنه ليس من صفات المسلم ، ولا يجوز ارتكابه إلا في حالة الضرورة أو المصلحة المعتبرة التي لا يمكن الوصول إليها بأي وسيلة أخرى ولا يترتب عليها ضرر بالغير.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله عز وجل صديقا. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله عز وجل كذابا. رواه البخاري وغيره.

وروى الإمام مالك في الموطأ: أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جباناً؟ فقال: نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: نعم، فقيل له أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال لا. وانظر الفتوى: 38280.

وعلى ذلك؛ فلا يجوز لك الكذب في الحالة المذكورة ولا في غيرها إلا إذا كنت تخاف على نفسك مما أشرت إليه من كثرة المنكر.. فيمكنك اللجوء إلى التورية، ومعاريض الكلام دون أن تقع في الكذب، وإذا لم يمكن التخلص من الوقوع في المنكر أو عدم القيام بالفرض إلا بالكذب فإنه يجوز حينئذ للضرورة.

قال الإمام النووي في رياض الصالحين: فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا.

وأما كفارة الكذب؛ فهي التوبة النصوح منه إلى الله تعالى والإقلاع عنه وتركه بالكلية وعقد العزم على ألا يعود إليه فيما بقي من عمره.

وما دامت عندك عطلة رسمية قبل رمضان فبإمكانك أن تأخذها وتتأخر فترة رمضان في البلد الذي ييسر لك أداء الفريضة ويعينك على الطاعة ويبعدك عن الفتن والمعاصي حتى تتجنب الذهاب في رمضان مباشرة.

وبإمكانك أن تعتذر عن التأخير وتتجب الكذب باستعمال التورية والمعاريض.

ثم إننا ننبهك إلى أن الأصل هو بعد المسلم عن السكن ببلاد الكفر إذا كان لا يأمن على دينه، فاحرص قدر المستطاع على البحث عن الشغل ببلد تأمن فيه على دينك، وتجد من يعينك على الاستقامة على الطاعة.

وسبق بيان التورية والمعاريض في الفتويين: 1126، 4512.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني