الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز للزوج قتل اللص الذي قام بتقبيل زوجته

السؤال

دخل لص إلى المنزل وحاول اغتصاب الزوجة بعد أن جردها من بعض ملابسها وتقبيلها وعند مجيء الزوج لاذ بالفرار، علما بأني عرفت الجاني، سؤالي هو: هل يجوز قتل هذا المجرم؟ الرجاء الرد بأسرع وقت لأنني أريد قتله ولكني متردد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعله هذا الشخص من اقتحام لحرمة بيتك وتعرضه لزوجك، لا شك أنه جريمة شنيعة، ومعصية كبيرة، يستحق عليها التعزير البليغ الذي يردعه ويردع أمثاله عن الاستهتار بحرمات المسلمين والتعرض لأعراضهم، نسأل الله سبحانه أن يجازيه على فعله..

ولكن مع كل هذا لا يجوز لك مطلقاً أن تقتله لأن قتل النفس من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93}، وقال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. رواه البخاري.

واعلم أن هذا الشخص -مع شناعة فعلته- فإن فعلته هذه لا تستوجب القتل، فلو أطعت داعي الغضب والشيطان وقتلته فقد أفسدت على نفسك الدين والدنيا، أما الدين فلأن قتل النفس بدون ما يوجب القتل من أكبر الكبائر، وأما الدنيا فإنك ستعرض نفسك للعقوبة، فإن كنت في بلد تطبق الشريعة فستكون عقوبتك القتل، وإلا فسيكون مصيرك السجن الطويل الذي يضيع حياتك ويضيع أولادك ومن تعول، فعليك أخي بتقوى الله سبحانه والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم الذي يحاول الآن جاهداً ليوقعك في هذه الجريمة العظيمة فتخسر كل شيء.

ولك أن تتخذ الإجراءات الرسمية لمعاقبة هذا المجرم -إن كنت تعرفه يقيناً- وكنت تملك إقامة البينات التي تدين هذا الشخص واترك أمر عقابه للقضاء، فإن أمر العقاب موكول للسلطان، ولو ترك أمر العقاب وإقامة الحدود لعامة الناس لفسد حال البلاد والعباد.

ثم نوصيك أن تتعهد أهلك دائماً بالحفظ والمتابعة وأن تكون دائماً قريباً منهم، وألا تتركهم إلا في مكان آمن بعيداً عن أيدي العابثين الفجار الذين لا يخافون بأس الله ولا يخشون عقابه، ونسأل الله تعالى أن يحفظ عوراتنا، ويصون أعراضنا وجميع المسلمين، وللفائدة في الموضوع راجع الفتويين: 38500، 59746 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني