السؤال
نحن مسلمون في بلاد غربة، وفي مسجدنا تقام صلاة الجمعة غالبًا على الشكل التالي: يخطب الخطبة -مضطرّا بسبب رفض أغلب الإخوة الآخرين وهم قادرون على الخطبة- أخٌ باللغة العربيّة ثم يجلس جلسة الاستراحة؛ يقوم بعدها أخ مسلمٌ من أهل البلد الأصليّين ليخطب الخطبة مترجمة باللغة المحليّة؛ ثم يعود الخطيب بالعربيّة بعد انتهاء الخطبة بالأعجميّة ليتمّ خطبته وليدعو (ولعلّه لم يخطب هو بذاته الخطبة بالأعجميّة حرصًا منه أو من لجنة المسجد على أن تكون الخطبة على أعلى مستوى من إفهام المستمعين.. أو لأسباب أخرى، الله أعلم بها). السؤال هو: هل يجوز فعلنا هذا بقيام أكثر من خطيب لخطبة الجمعة لعلّة اللغة في ظلّ وجود إخوة يتقنون اللغتين: هل هم آثمون لعدم إسهامهم بخطبة الجمعة رغم قدرتهم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته يتضمن أموراً مخالفةً للسنة، لعل من أهمها ترك الموالاة بين الخطبة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوالي في خطبته، ولا يفصل بعضها عن بعض إلا بجلسةٍ خفيفةٍ بين الخطبتين لا تقطع الموالاة، وقد ذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى بطلان الخطبة بترك موالاتها.
قال ابن قدامة في المغني: والموالاة شرط في صحة الخطبة فإن فصل بعضها من بعض, بكلام طويل, أو سكوت طويل, أو شيء غير ذلك يقطع الموالاة, استأنفها، والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة .انتهى.
ويمكن أن يُستغنى عن ذلك بأن تترجم مقاصد الخطبة لمن لا يحسنون العربية بعد انقضاء الصلاة، وقد بينّا حكم الخطبة بغير العربية في الفتوى رقم: 12857، فلتراجع، وعليكم أن تجتهدوا في تعليم العربية لمن لا يحسنونها فإنها لغة القرآن ومن لا يحسنها فقد فاته خيرٌ كثير وانظر الفتوي رقم: 22008، والفتوى رقم: 97966.
وأما كون من يحسن اللغتين آثماً لعدم تقدمه للخطبة فالظاهر أنه لا يأثم إذا كان من يقوم بالخطبة ممن يحسن أركانها وشرائطها، وأما أن الخطبة وقعت من خطيبين فالخطبة من خطيبٍ واحد والآخر مترجمٌ لكلامه ومعبرٌ عنه، نعم الخلل بترك الموالاة أمرٌ يجبُ تلافيه.
والله أعلم.