السؤال
اطلعت في فقه الحنفية على أن الميت إذا فاتته الصلاة في حياته يفدي فدية الفطر عن كل صلاة بعد مماته مستندا لهذا الحديث: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ . أهذا جائز وإن لم يكن جائزا من فضلكم اشرحوا لي تفاصيله وأدلته. جزاكم الله خيرا كثيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذهب فقهاء الحنفية إلى أن من مات وعليه صلاة فإنه يطعم عنه عن كل صلاة، كما هو الحال فيمن مات وعليه صوم.
قال السرخسي في المبسوط: إذا مات وعليه صلوات يطعم عنه لكل صلاة نصف صاع من حنطة، وكان محمد بن مقاتل يقول أولا: يطعم عنه لصلوات كل يوم نصف صاع على قياس الصوم، ثم رجع فقال: كل صلاة فرض على حدة بمنزلة صوم يوم وهو الصحيح.. انتهى.
وقال أبو بكر العبادي الحنفي في الجوهرة النيرة: والصلاة حكمها حكم الصيام على اختيار المتأخرين، وكل صلاة بانفرادها معتبرة بصوم يوم هو الصحيح احترازا عما قاله محمد بن مقاتل أنه يطعم لصلوات كل يوم نصف صاع على قياس الصوم، ثم رجع عن هذا القول وقال: كل صلاة فرض على حدة بمنزلة صوم يوم هو الصحيح.. انتهى.
وهذا القول وجه عند الشافعية. قال الدمياطي الشافعي في حاشيته إعانة الطالبين: من مات وعليه صلاة فلا قضاء ولا فدية.. وفي وجه عليه كثيرون من أصحابنا أنه يطعم عن كل صلاة مدا.. انتهى. مختصرا.
ولا نعلم مستندا لهذا القول -نعني الإطعام بدل الصلاة الفائتة عن الميت- إلا القياس على الصيام، والحديث الذي ذكره السائل ليس حديثا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل هو موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما كما رواه النسائي في السنن الكبرى وغيره، وصحح الحافظ إسناد النسائي وهو بلفظ: لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد؛ ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدا من حنطة.
والإطعام الوارد فيه عن الصيام لا عن الصلاة، ثم هذا الحديث أيضا مخالف لما ثبت في الأدلة الصحيحة من جواز الصوم عن الميت؛ بل هو مخالف لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما نفسه من جواز الصيام الذي ثبت في ذمة الميت عنه بعد مماته، فعند ابن أبي شيبة بسند صحيح: سئل ابن عباس عن رجل مات وعليه نذر؟ فقال: يصام عنه النذر.. ولذا قال ابن عبد البر: والنقل في هذا عن ابن عباس مضطرب.
وإذا أراد السائل الاستزادة حول الموضوع فليرجع إلى كتب الفقه في ذلك.
والله أعلم.