الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استر عليها وأمسكها، إن تحققت توبتها

السؤال

لقد صارحتني زوجتي أنها قد زنت مع أخي خلال غربتي في إحدى الدول وقالت إنه حدث مرات معدودة فقط ثم تابت توبة نصوحا ومع تكرر سفري في الغربة، قالت إنها تابت مع أن الظروف ما زالت مهيأة كما كانت من قبل ولكنها تابت توبة نصوحة كما قالت وهي اعترفت لي بعد ضغط هائل مني بعد وقوع الحدث بسنوات
قل لي بالله عليك ماذا أفعل هل أطلقها وأسترها أم أعيش معها وأسترها مع أنني أقسمت لها بالله أنني لن أظلمها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الله جل وعلا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور:63}، جاء في تفسير الألوسي: أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ. أي بلاء ومحنة في الدنيا؛ كما روي عن مجاهد. انتهى.

فما أصيب العبد بمحنة ولا فتنة إلا بسبب مخالفته لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن من أوامره الشريفة التي ضيعها أكثر الناس في زماننا - إلا من رحم الله وعصم - أمره بعدم الخلوة بالنساء خصوصاً من أقارب الزوج، فقد قال الصادق المصدوق والناصح الأمين بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه.

قال النووي: المراد في الحديث أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، لأنهم محارم للزوجة يجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت. قال: وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم مما يحل لها تزوجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبهه بالموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي. انتهى.

فحين خالفنا أمره أصابتنا كل رزية، وحلت بنا كل بلية، وما حل بك ما حل من مصيبة في عرضك وشرفك، إلا بسبب تقصيرك في الوصية النبوية، أما وقد حصل ما حصل فلتنظر في حالة هذه المرأة فإن تابت من هذه المعصية توبة نصوحاً صادقة وغلب هذا على ظنك، فاستر عليها وأمسكها، واعلم أن التوبة تجب ما قبلها، ولعلها تكون بعد هذا الذنب خيراً منها قبله، ولتحذر مستقبلاً من دخول أي أجنبي عليها.

أما إذا غلب على ظنك عدم توبتها فلا تبق عليها لأنها ستدنس عرضك، وتجلب لك العار، وتدخل عليك من ليس منك، لكن استر عليها أيضاً، فإن الله ستير يحب الستر، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، واكتم سرها ولا تفشه لأحد، وسرحها بإحسان، وإن سئلت عن سبب طلاقها فاستعمل التورية، وبهذا تحافظ على سمعة عائلتها وسمعة عائلتك، وننبهك إلى خطورة الغيبة الطويلة عن الزوجة لأن هذا من أسباب الفساد أيضاً، واعلم أنه لا يجوز للزوج أن يغيب عن زوجته ستة شهور إلا بإذنها. وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 96680.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني