الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تاب وهو يظن أن الله لا يقبل توبته

السؤال

أنا شاب ضحكت على فتاة فهمتها أني أحبها وهى أحبتني وعلى هذا الأساس مكنتني من لمسها لكن لم يحدث زنا. أنا استغفرت ربنا ولكن حاسس إن ربنا غير قابل استغفاري وهي كل ما ترانى تقولى حسبى الله ونعم الوكيل فيك .
ماذا أفعل كي يغفر الله لي ويقبل توبتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أسأت وظلمت نفسك وغيرك بهذا الفعل، واتبعت خطوات الشيطان الذي كاد أن يهلكك بالوقوع في الزنا، لولا أن تداركتك رحمة الله، وما فعلته هو من مقدمات الزنا، وقد جاء في الحديث تسميته زنا، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما السماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.

وكفارة ذلك جميعاً بالتوبة النصوح إلى الله تعالى والإكثار من الأعمال الصالحة، والاستغفار، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار {التحريم:8}. والتوبة النصوح هي التوبة الصادقة التي تحققت فيها شروط التوبة النصوح.

وأولها: الإقلاع عن الذنب، وترك المعصية حالا إن كان الشخص متلبسا بها، ثم أن يندم على ما صدر منه، وأن يعزم عزما صادقا وينوي نية خالصة ألا يعود إلى الذنب فيما بقي من عمره.

ويشترط لقبول التوبة أن تكون قبل الغرغرة.. أي قبل ظهور علامات الموت، وأن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها.

قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات {هود:114}. وقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً {الفرقان:68}. وقال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً {الفرقان:70}، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.

هذه هي كفارة جميع الذنوب مع الإكثار من أعمال البر والنوافل.

ثم بعد التوبة والاستغفار ينبغي للإنسان أن يحسن الظن بمولاه فيظن أن الله قد تقبل توبته، لأن من تاب وهو يظن أن الله رد توبته فقد أساء الظن بربه، وسوء الظن بالله من كبائر الذنوب المهلكة، قال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة: 195} جاء في تفسير ابن كثير: عن النعمان بن بشير في قوله: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ أن يذنب الرجل الذنب، فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ رواه ابن مَرْدويه.اهـ

وجاء فيه أيضا عن جماعة من السلف: إنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له، فيلقي بيده إلى التهلكة، أي: يستكثر من الذنوب فيهلك. انتهى.

فإن أمكنك الزواج من هذه الفتاة بعد أن تتوبا الى الله توبة صادقة فلا بأس بذلك، خصوصا وأنت قد وعدتها بذلك، وأما إذا لم يمكنك الزواج بها فاقطع علاقتك بها بكل طريق.

وننصحك في النهاية بالمسارعة إلى الزواج، وصحبة أهل الخير. وللفائدة تراجع الفتاوى رقم:5779، 58166، 111728.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني