السؤال
أنا فتاة جامعية بلغت مرحلة من الإيمان جعلتني أشعر بحلاوة القرب من الله لحد أنني كنت أفضل مناجاة ربي عن الجلوس مع أهلي, مع حلول شهر شعبان قررت أن أدرب نفسي على العبادة أكثر خاصة بعد أن علمت بأن الشيطان يشحن النفس بالشر لأنه يقيد في رمضان. وفعلا كنت سعيدة جدا وأقبل رمضان ولكن بمجرد أن بدأت العبادات الرمضانية بدأت شكوك رهيبة تهز كياني وإيماني حيث إنه تراودني أفكار تكفيرية كسؤال لمن أصلي الآن؟ كيف لي أن أعرف أنه ربي بجد؟ وتوالت الأفكار علي إلى الآن وأنا اشعر بضيق كبير وبعد كبير عن الله وكأنني لم أعرفه يوما؟ ولطالما ذرفت الدموع الحارة. أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنطمئنك أختنا الفاضلة أنك على خير نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحدا، وربما اغتاظ الشيطان من إقبالك على ربك وحرصك على طاعته وعبادته فأراد أن يكيد لك كيدا ويصرفك عن نعيم الطاعة ولذة العبادة إلى مثل هذه الوساوس التي تورث الشقاء وتكسب القلب الحسرة والندامة.
فالمطلوب منك الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومدافعة هذه الوساوس فلا تجعلي لها مجالا للاستقرار في قلبك فهي لا تضرك بإذن الله ما دام قلبك ينكرها ولم يترتب عليها قول أو عمل يناقض الإيمان، واقرئي هذا الحديث: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان.
أي كراهية النفس لهذه الوساوس وبغضها لها من صريح الإيمان.
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. وهذا يدل على كونها من الشيطان.
فننصحك بالإعراض عن هذه الوساوس والإقبال على الطاعة والإكثار من ذكر الله وشكره، وننبه إلى أن الأولى بالعبد هو الاقتصاد في الطاعة والموازنة بين الحقوق، فإن لربك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعطي كل ذي حق حقه. وراجعي الفتويين: 57104، 73825.
والله أعلم.