الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقيدة الحلول والاتحاد

السؤال

السلام عليكمما معنى الحلول والاتحاد؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالحلول والاتحاد عقيدتان كفريتان، ويظهر ذلك من خلال معرفة معناهما، أما الحلول فمعناه أن الله يحل في بعض مخلوقاته، ويتحد معها، كاعتقاد النصارى حلوله في المسيح عيسى ابن مريم، واعتقاد بعض الناس حلوله في الحلاج، وفي بعض مشايخ الصوفية، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وهؤلاء الذين تكلموا في هذا الأمر "الاتحاد العام" لم يعرف لهم خبر من حين ظهرت دولة التتار، وإلا فكان الاتحاد القديم هو الاتحاد المعين، وذلك أن القسمة رباعية، فإن كل واحد من الاتحاد والحلول إما معين في شخص، وإما مطلق، أما الاتحاد والحلول المعين كقول النصارى والغالية في الأئمة من الرافضة، وفي المشايخ من جهال الفقراء والصوفية، فإنهم يقولون به في معين: إما بالاتحاد كاتحاد الماء واللبن، وهو قول اليعقوبية وهم السودان، ومن الحبشة والقبط، وإما بالحلول، وهو قول النسطورية، وإما بالاتحاد من وجه دون وجه، وهو قول الملكانية. وأما الحلول المطلق وهو أن الله تعالى بذاته حال في كل شيء فهذا يحكيه أهل السنة والسلف عن قدماء الجهمية، وكانوا يكفرونهم بذلك. فأما ما جاء به هؤلاء من الاتحاد العام فما علمت أحداً سبقهم إليه إلا من أنكر وجود الصانع، مثل فرعون والقرامطة، وذلك أن حقيقة أمرهم أنهم يرون أن عين وجود الحق هو عين وجود الخلق، وأن وجود ذات الله خالق السموات والأرض، هي نفس وجود المخلوقات، فلا يتصور عندهم أن يكون الله تعالى خلق غيره، ولا أنه رب العالمين، ولا أنه غني وما سواه فقير، لكن تفرقوا على ثلاثة طرق، وأكثر من ينظر في كلامهم لا يفهم حقيقة أمرهم لأنه أمر مبهم).
وأما الاتحاد فمعناه أن عين المخلوقات هو عين الله تعالى وهو ما سبق تسميته في كلام شيخ الإسلام الاتحاد العام.
وقال عنه في مكان آخر (فإن صاحب هذا الكتاب المذكور الذي هو "فصوص الحكم" [لابن عربي] وأمثاله، مثل صاحبه القونوي والتلمساني وابن سبعين والششتري وابن الفارض وأتباعهم مذهبهم الذي هم عليه: أن الوجود واحد، ويسمون أهل وحدة الوجود، ويدعون التحقيق والعرفان، وهم يجعلون وجود الخالق، عين وجود المخلوقات، فكل ما يتصف به المخلوقات من حسن وقبيح، ومدح وذم، إنما المتصف به عندهم عين الخالق، وليس للخالق عندهم وجود مباين لوجود المخلوقات منفصل عنها أصلا،ً بل عندهم ما ثم غير أصلا للخالق ولا سواه. ومن كلماتهم: ليس إلا الله، فعباد الأصنام لم يعبدوا غيره عندهم، لأنهم ما عندهم له غير، ولهذا جعلوا قوله تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)[الإسراء:23] بمعنى قدر ربك أن لا تعبدوا إلا إياه، إذ ليس عندهم غير له تتصور عبادته، فكل عابد صنم إنما عبد الله.
ولهذا جعل صاحب هذا الكتاب: عباد العجل مصيبين، ... وفرعون من كبار العارفين المحققين، وأنه كان مصيباً في دعواه الربوبية... ويكفيك معرفة بكفرهم أن من أخف أقوالهم أن فرعون مات مؤمناً بريئاً من الذنوب...) إلى آخر ما ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- عنهم، مما يدل دلالة واضحة صريحة على كفرهم، وخروجهم عن الملة، نسأل الله الثبات على الحق.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني