الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم طلب الطلاق لأجل هذا الضرر المترتب على سفر الزوج

السؤال

أرجوكم أفيدوني بسرعة الرد .. أشعر بألم نفسي فظيع تزوجت منذ أربع سنوات وزوجي دائم السفر وهذا دون رغبتي حيث كان اتفاقي معه قبل الزواج الاستقرار لكنه يعد ولا يفي بحجة أنه لم يجمع مالا لعمل مشروع خلال الأربع سنوات نزل زوجي ثلاث مرات شهران ثم سافر واختلفنا وتركني دون أي سؤال عني سوى إرسال مال لمدة 8 شهور وعاد وتدخل أبي لأنه قريبه وأجبرني على العودة واتفقنا أن يراعي الله معي وألا يهجرني سافر وبعد شهرين اختلفنا هجرني سنة و4 شهور لا يكلمنى ولكن يرسل المال وذهب للحج وقبل أن يذهب أرسل لي رسالة لم يقل سامحيني ولكني أحسست أنه يريدها فسامحته ولكن عزمت نيتي على أن أطلق لم أكن أريد أن أكمل حياتي بهذه الطريق وعاد وكالعادة تدخل أبي لأنه لا يريد أن يمزق العائلة حيث أخوه زوج أختي ولهم أبناء واعتذر عما سببه لي من ألم في السابق ولمست تغيرا فى معاملته بعد الحج ووعد بعدم السفر وللأسف سافر ووعد بأنها الأخيرة لأنه يريد أن يعمل مشروعا يعيش منه لم أوافق لكني أُرغمت منه ومن أبي المشكلة فى أني لا أشعر بالأمان معه حيث أنه يفعل ما يريحه هو فقط وخاصة عندما يسافر هو طيب وحنون جداً لكنه يتأثر بإخوته جداً سمعت شريطا أرسله أخوه له أثناء الخطوبة ينصحه بأن يتركني وأني بي من الصفات ما لا يتحمله أحد ذم بي كثيراً وبالفعل تغير هو معي وهكذا اتفقنا على تجهيز شقتنا بعد الزواج وسافر وقال لي افعلي ما تريدين وبتدخل نفس الأخ جعله يرسل له الأموال ليجهز شقتي ولم أختر أي شيء فيها وأصبحت أكرهها وسامحت في كل هذا والآن وبعد سفره الأخير أعطى كل ما يملك من مال لأخيه ليدخل به مشروع حظ ضرب فالجبل قال لي لو تعبانة من غيري، تعالى معي هنا أنا أكره الغربة ولا أحب الوحدة ولا أستطيع العيش بعيدا عن أهلى وهو يعلم أني أخاف جداً ولا أجلس فى مكان بمفردي فكيف أسافر وأجلس 12ساعة لوحدي أنا تعبت نفسيا وحاسة أني عندي اكتئاب، أخي معه نسخة من مفتاح شقتي ويذهب دون علمي هناك هل يحق له هذا أشعر بكره شديد لهم لأنهم تسببوا فى مشاكلي معه أنا أحبه ولا أريد مالا ولكن أريد استقرارا طلبت الطلاق لأنه لا يريد النزول 6 شهور وأنا تعبانه جداً أرجوكم أنا أعرف حقوقه كلها وأعامله بما يرضى الله ولا أنكر عليه هذا فيما عدا أنه يفضل إخوته على وعلى نفسه ويحملنى فوق طاقتى ببعده وتصرفاته أرجو ألا تقسو في الرد، وتقدروا حالتي هل طلبي للطلاق حرام لأني أريد أن أستقر وهو لا يريد النزول أطلت عليكم معذرة بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كفيتينا -جزاك الله خيراً- مؤنة الحديث عن حقوق الزوج على زوجته، عندما ذكرت في رسالتك أنك تعرفين حقوقه كلها، وتعاملينه بما يرضي الله..

أما بخصوص أسفار الزوج فقد قرر أهل العلم أن الزوج له أن يسافر ويغيب عن زوجته ستة أشهر فأقل ولو لم تأذن له زوجه، وليس له أكثر من ذلك بدون عذر إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه سأل ابنته حفصة: كم تصبر المرأة على زوجها؟ فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر... يسيرون شهراً ويقيمون أربعة ويسيرون شهراً راجعين.

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وسئل أحمد أي ابن حنبل رحمه الله: كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر.

وقال صاحب كشاف القناع من فقهاء الحنابلة: وإن لم يكن للمسافر عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك. انتهى.

ولكن يستثنى من التقييد بهذه المدة: السفر الواجب كالحج، والذي لا بد له منه.. كالسعي في الأرض لطلب الرزق.

قال صاحب كتاب (الإنصاف): قد صرح الإمام أحمد رحمه الله بما قال: فقال في رواية ابن هانئ وسأله عن رجل تغيب عن امرأته أكثر من ستة أشهر؟ قال: إذا كان في حج أو غزو أو مكسب يكسب على عياله أرجو أن لا يكون به بأس إن كان قد تركها في كفاية من النفقة لها، ومحرم رجل يكفيها. انتهى.

وبناء على ذلك فإذا كان هذا الزوج يملك من أسباب الرزق في بلده ما يوفر له ضروريات الحياة وحاجياتها فقط دون التحسينات والترفيهيات فلا يجوز له أن يسافر أكثر من ستة أشهر إلا بإذنك، فإذا فعل وتضررت بذلك ورفض الرجوع، عند ذلك يجوز لك طلب الطلاق لأجل هذا الضرر، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 53510.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني