السؤال
كل الشكر لكم على إتاحة هذه الفرصة لمراسلتكم.. وبعد: فإن الله شرع الاختلاف بين المسلمين في الفقه، وهذا ما لا يستطيع إنكاره أحد منذ حادثة صلاة العصر في غزوة بني قريظة وإلى قيام الساعة، وإن على كل من المختلفين أن لا ينكر أحدهما على الآخر اجتهاده ما دام له أصل شرعي واضح، وفهم واطلاع على كل أدلة المسألة، بخصوص ثلاث فتاوى منشورة حول "قدم المرأة وأنها عورة"، فقد ذكر المفتي في جوابه: أن أبا حنيفة يقول إنهما ليسا من العورة لأنهما يظهران غالبا كالوجه واليدين، وهذا الكلام خطأ لأن أبا حنيفة لم يؤثر عنه هذا القول بهذا التعليل هكذا أبداً، كما أن هذا القول متناقض مع نفسه، لأننا حتى نستطيع أن نثبت أن الوجه والكفين ليسا بعورة يجب علينا أن ننصص أن كل ما سواهما عورة حسب الدليل "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (الوجه والكفين)" فمن أراد أن يعتبر القدم ليست عورة يجب عليه أن يرد هذه الرواية المشهورة القوية ويعتبرها خطأ، وعندها عليه أن يأتي بدليل آخر يعتمد عليه في تحديد عورة المرأة واستثناء الوجه والكف والقدم وهذا غير موجود أبداً، وإنما المذكور عند فقهاء الأحناف أنفسهم في مذهبهم (وليس عن الإمام) ما يفيد أن القدمين ليستا عورة في الصلاة، وعورة خارجها (أي أمام الرجال)، وهذا القول هو الصحيح كما نقل ذلك الدكتور العلامة وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته، أما تأصيل مسألة قدم المرأة في المذهب الحنفي، فإن كبار فقهاء الأحناف قد ذكروا أنها مستثناة في شروط الصلاة، وليست مستثناة في عورة النظر لأنهم أخذوا برواية ابن عباس التي تنصص أن كل ما سوى الوجه والكفين عورة أو بلفظ آخر "الكحل والخاتم" (الكتاب"للقدوري"، مبسوط الشيباني "محمد الشيباني"، المبسوط "للسرخسي"، الجوهرة النيرة "للزبيدي"، الاختيار لتعليل المختار "للموصلي"، الفتاوى الهندية، البحر الرائق " لابن نجيم"، المحيط البرهاني، البريقة المحمودية، تنوير الأبصار وجامع البحار "للغزي"، و غيرها). مع وجود رواية شاذة عن الحسن بن زياد خلاف ظاهر الرواية تسمح بكشف القدمين حتى خارج الصلاة للبلوى في عصرهم عند المشي وعدم توفر الخف للجميع، وهذه الرواية الشاذة المخالفة للأدلة لا يفتى بها، ولا يليق حتى الإشارة إليها لأنها ضعيفة جداً ومخالفة للرواية القوية ومخالفة للأدلة الشرعية من جهة، ولما تسببه من إيذاء للمجتمع وفتنة لأن القدمين العاريتين للأنثى صار فيها فتنة وإغراء في هذا العصر كما هو معروف، وليس في تغطيتها أي بلوى لأن الأحذية والجوارب أصبحت رخيصة جداً في هذا العصر ومتوفرة للجميع، فأرجو منكم تصحيح ذلك في الفتوى المنشورة على الموقع، ويسعدني أن أناقش المسألة معكم أكثر إن رغبتم في ذلك عبر بريدي الإلكتروني، كما أنه عندي رسالة حول تحقيق وتفصيل مسألة قدم المرأة في المذهب الحنفي، أحب أن أرسلها لكم إن كنتم تريدون المزيد من التفاصيل، وذلك من أجل خدمة العلم، أشكركم مرة أخرى وأسأل الله أن يبارك في مساعيكم؟