السؤال
في البداية أود أن أشكركم على عملكم ومساعدتكم لنا،وأنا من قراء الموقع بشكل يومي تقريباَ وأعجبني جداً وجزاكم الله ألف خير.
قطعت علاقتي بأخت زوجي بعد ما استقبلتها في منزلي وضيفتها كثيراً هي وزوجها، وأقسم بالله أني أكرمتها جداً وكانت تأتي كل أسبوع تقريباً، تجلس يومين هي وزوجها، وأقوم أنا على خدمتهم ولا تساعدني في شيء وبصراحة ما كانت تراعي حرمة المنزل لا هي ولا زوجها، وتبلغ زوجي بحضورها في نفس اليوم، وفي مرة قال لها زوجي: نحن غير مستعدين فغضبت، وأصرت على الحضور، وحضرت فعلاً فأزعجني ذلك جداً، وبعد ذلك جاءتنا ظروف صعبة جداَ ولم يساعدونا في شيء، علما بأنها في ذلك الوقت كانت موجودة عندي كالعادة وتعاملت معنا بمنتهى البرود وجلست وتم ضيافتها، وقضت يومين وذهبت، بصراحة غضبت جداً منها هي وزوجها، لأنها كانت تتعامل معي على أني خادمة عندها، ولم تكن تساعدني في شيء، ولا حتى تشكرني على شيء، وطلبت من زوجي أن يرفض حضورها وإقامتها عندي مرة ثانية ولكنه رفض، بعد ذلك قطعت علاقتي بها لا أتحدث معها في الهاتف ولا أزورها في المنزل، وهي علمت أني غضبت منها بسبب موقفها، وآخر مرة كانت عندي -بصرحة- قابلتها مقابلة سيئة حتى لا تأتي مرة أخرى.
والآن لا أعرف هل علي ذنب بسب مقاطعتي لها؟ وشكراً لكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما تفعله أخت زوجك من زيارتها لكم دون إذنكم لها لا يجوز، خصوصاً مع تضرركم من ذلك، فإن البيوت لها حرماتها وخصوصياتها ولا يجوز لأحد أن يدخل على أحد بيته إلا بعد أن يستأنس، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {النور:27}، فجعلت الآية دخول بيت الغير مرهوناً بالاستئناس الذي هو ضد الاستيحاش، وفي هذه إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون الدخول على وجه لا يستوحش منه أصحاب البيت ولا يتضررون، قال الرازي: وذلك لأنهم إذا استأذنوا وسلموا أنس أهل البيت، ولو دخلوا بغير إذن لاستوحشوا. انتهى.
وقال أيضاً: إن الحكمة في الاستئذان أن لا يدخل الإنسان على غيره بغير إذنه فإن ذلك مما يسوءه. انتهى.
ومع ذلك فإنا نوصيك بالصبرعليها والتغاضي عن إساءتها، فقد ندب الله إلى العفو فقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
وندب سبحانه إلى رد السيئة بالحسنة استصلاحاً للمسيء واستئلافا لقلبه، فقال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
واعلمي أنه لا يجوز لك أن تهجريها ولا أن تقاطعيها، فهجر المسلم بدون مسوغ شرعي حرام، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
ولكن اطلبي من زوجك أن ينصحها، وأن يعلمها بالحكم الشرعي في الاستئذان لعلها أن تتذكر وتراجع نفسها، فإن أصرت على ذلك فلزاما على زوجك أن يمنعها مما يلحق بك الأذى المترتب على زيارتها وزوجها، مع التنبيه على أنه لا يجب عليك خدمتها ولا خدمة زوجها، كما لا يحل لك أن تظهري أمام زوجها بغير الحجاب الشرعي.
والله أعلم.