الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ أموالا على أنها أرباح ثم تبين أنها من أموال المودعين

السؤال

الإخوة الكرام، أنا قضيتي باختصار أني وضعت نقودي مع رجل كان محل ثقة عالية جدا في البلد ليشغلها في تجارته، ويعطيني نسبة من الأرباح، وكان الرجل يعطيني أرباحي كلما أطلبها، وعلى مدى سبعة شهور أعطاني قيمة رأس مالي كاملة، وأضعافها كأرباح، ولكن قبل أسبوع قبضت عليه الحكومة، وثبت أنه نصاب، وكان يأخذ فلوسا من ناس ويعطيها لآخرين على أنها أرباح، وهكذا حتى انفضح أمره.
وأنا والله لم أكن أعلم، وكان عندي أسباب قوية جدا لأضع ثقتي فيه، لكن هذا حال النصابين.
أسئلتي الآن وفقط من الجانب الشرعي وليس من الجانب القانوني أو الإنساني..
السؤال الأول: هل أنا مطالب برد كل ما سحبته زيادة عن رأس المال، أم أنني ليس لي ذنب بما قام به الرجل؟ والنقود التي أعطاني إياها الرجل والتي قال لي إنها أرباحي، هي الآن من حقي والإثم يقع على عاتق من نصب؟
إذا كان لا، فقد انتهت قضيتي علما بأني سأعيد ما أعيد كإحسان. أما إذا كان نعم، ويجب علي إرجاعها، فلدي أسئلة أخرى .... أليس من الصحيح شرعا أن أعتبر أن كل ما تصرفت به من أموال قبل معرفتي بحقيقة الرجل والتي كنت أتصرف بها تصرف المالك الحر في ملكه وماله، بأني غير مسؤول عنها شرعا ( سواء تبرعات أو أكل وشرب أو سداد ديون سابقة عني أو عن غيري وما على غرار ذلك من مال يمكن أن أسميه فاقدا أو هالكا، أولا أذكر أين صرف) وليس علي وزر إرجاعها، وأن المطلوب مني فقط هو رد ما هو موجود عندي فعلا من أموال أو موجودات من عقارات وأثاث وملابس وعطور وأكل وشرب وحلي، وما إلى ذلك من أشياء كنت قد اشتريتها مما كان يسمى أرباحا، وما أستطيعه بالحسنى من هبات وهدايا وعطايا إذا قبل بعض الناس إرجاعها من دون أن أعمل مشاكل معهم؟
وأرجو التأكيد على أنه هل يعتبر الدين من المال الهالك الذي صرفته على اعتبار أني صرفته من مال كنت أعتقد جازما أنه لي وحلال؟
هل يمكن أن يحملني الشرع تبرعاتي فأصبح غارما بها إن لم أستطع إرجاعها؟؟
علما بأن ذلك سيلحق بي ضررا جسيما وسيوقف حياتي على هذا الأمر ويفسد علي معيشتي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب عليك رد ما زاد على رأس مالك، ولا عبرة بما ذكرت من أنك تصرفت في هذه الأموال على أنها أرباح أموالك، لأنه قد تبين أن هذا الرجل قد استولى على أموال الناس بغير حق، وأعطاك منها ما يزعم أنه أرباح أموالك، والأصل في المضاربة إذا ظهر فيها ربح أن يتم تقسيمه بالنسبة التي اتفق عليها، وحقيقة الأمر أن هذا الرجل لم يعمل في المال فلا يوجد ربح، فلا تستحق أنت أن تأخذ شيئاً من هذه الأموال، أما كونك لم تكن تعلم حقيقة الأمر فهذا إنما يرفع عنك الإثم، أما ضمان هذه الأموال فواجب عليك، ولكن إن كنت عاجزاً عن سداد جميع هذه الأموال الآن، فيجب عليك سداد ما تقدر عليه، والباقي يكون ديناً في ذمتك.

نسأل الله تعالى أن يفرج كربك، وأن يقضي دينك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني