الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شراء الشقة بالتقسيط عن طريق شركة التمويل العقاري

السؤال

تقدمت للحصول على شقة من وزارة الاستثمار؛ بشروط تنطبق عليّ، مع الحصول على دعم 10000 جنيه، وتعاقدت مع شركة تمويل عقاري تابعة للوزارة، وذلك بنظام دفع 15000 جنيه تقريبًا مقدمًا، ثم سداد قسط شهري لمدة 20 سنة، يزداد هذا القسط كل سنة 5% من أصل القسط، ومحدد في العقد الأقساط حتى السنة العشرين، وقمت بتأخير سداد قسط مرة، فتم توقيع غرامة تأخير مبلغ زهيد، مع العلم أن ذلك ليس محددًا في العقد، بل محدد في العقد أنه لا يحق البيع إلا بعد إعلامهم، أو مرور 5 سنوات، والجميع في مثل حالتي يقومون بالبيع بتوكيل دون إعلامهم، فما حكم هذه المعاملة؟ وما حكم الغرامة؟ وهل لي بيعها؟ الرجاء الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فشركات التمويل العقاري: منها ما يجوز التعامل معه، إذا كانت معاملتها منضبطة بقواعد الشرع، تجتنب الربا في معاملتها، ونشاطها، ومنها ما لا يجوز التعامل معه، وهي التي تتعامل بالربا، ونحوه فيما تقدمه من خدمات، أو تقوم به من تمويل عقاري.

فإن كانت الشركة المذكورة من النوع الأول، فلا حرج في شراء شقة منها بالتقسيط، سواء أكان القسط منضبطًا في جميع المدة المحددة للسداد، أم يزداد كل سنة، إن كانت الزيادة من أصل المال المتفق عليه، بأن يكون العقد هكذا دفع 1000ج مثلًا في كل شهر لمدة سنة، ثم دفع 1500ج في كل شهر لمدة سنة، وهكذا حتى يتم الثمن المتفق عليه.
وأما أخذ زيادة على القسط مقابل التأخير، فهي من الربا المحرم، ولا يجوز أخذها، ولا يلزم دفعها، بل لا يحل، ولو كانت يسيرة.

جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة 1409:

قرر المجمع الفقهي بالإجماع ما يلي:

إن الدائن إذا شرط على المدين، أو فرض عليه أن يدفع له مبلغًا من المال غرامة مالية جزائية محددة، أو بنسبة معينة إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما، فهو شرط، أو فرض باطل، ولا يجب الوفاء به، بل ولا يحل؛ لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية، الذي نزل القرآن بتحريمه.

وأما اشتراط عدم بيعها دون إذنهم، فإذا كان المقصود أنها مرهونة لديهم، فقد اختلف الفقهاء في رهن المبيع في ثمنه، والراجح صحته، جاء في المغني: وإذا تبايعا بشرط أن يكون المبيع رهنًا على ثمنه، لم يصح، قاله ابن حامد، وهو قول الشافعي؛ لأن المبيع حين شرط رهنه لم يكن ملكًا له، وسواء شرط أن يقبضه ثم يرهنه، أو شرط رهنه قبل قبضه. وظاهر الرواية عند أحمد صحة رهنه. انتهى.

وقد أخذ مجمع الفقه الإسلامي بالرأي الثاني، فجاء في قراره رقم: 53/2/6: يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة. انتهى.

كما اختلفوا في حكم بيع المرهون على قولين: الأول: منعه مطلقًا، سوء أذن المرتهن أم لم يأذن.

والقول الثاني: قول من أجاز ذلك بإذن المرتهن.

وعليه؛ فإن أذنت الجهة المسؤولة في البيع، صح، وإن لم تأذن، لم يصح. هذا إذا كانت مرهونة.

أما إذا كان الأمر مجرد شرط إعلام بالبيع لغرض ما، لا لكون العين مرهونة في ثمنها، فعلى السائل الوفاء به، لكن إذا باع دون إعلام الشركة، فالبيع صحيح؛ لتمام حرية التصرف في الملك؛ إذ ذلك هو مقتضى عقد البيع، ولم يتعلق به حق يمنع منه، كالرهن، ونحوه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني