الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل للعمرة نفس أجر الحج بما في ذلك العفو من الله تعالى عن الكبائر التي تاب منها العبد؟ وهل أنه يرجع كيوم ولدته أمه كما في الحج؟ وما أجر العمرة في رمضان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في أن ثواب العمرة لا يعدل ثواب الحج، بل الحج أفضل من العمرة قطعاً وانظر الفتويين رقم: 25525، 33293.

فالحج ركنٌ من أركان الإسلام، والعمرةُ مختلفٌ في وجوبها، ومن المعلوم الثابت في الحديث الصحيح أن التقرب بالفرائض أحب إلى الله عز وجل من التقرب بغيرها، وقد ورد من النصوص في ثواب الحج، مالم يرد مثله في ثواب العمرة، فقال صلى الله عليه وسلم: والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه. متفق عليه.

ولم يرد في فضل العمرة ما يفيدُ أن من اعتمر رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وإنما ورد ما يفيدُ تكفيرها للذنوب فحسب، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. متفق عليه، وكقوله صلى الله عليه وسلم: أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكيرُ خبث الحديد. أخرجه الترمذي.

وأما الكبائرُ التي تاب العبد منها، فإن الله يغفرها للعبد بتوبته، فالتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له. كما في الحديث الحسن الذي أخرجه ابن ماجه.

وفي تكفير الحج لكبائر الذنوب التي لم يتب العبد منها خلافٌ بين العلماء وانظر الفتويين: 23953، 26845.

وأما فضلُ العمرة في رمضان، فلا شك في أن فضلها عظيم، ويكفي في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تعدل حجة. وفي رواية: معي. أخرجه البخاري. وليس معنى ذلك أنها تعدل ثواب الحج من كل وجه.

وجاء في مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية أبي يعقوب الكوسج قلت: من قال: عمرة في رمضان تعدل حجة أثبت هو؟ قال: بلى، هو ثبت.

قال إسحاق: ثبت كما قال، ومعناه: أن يكتب له كأجر حجة، ولا يلحق بالحاج أبدًا. انتهى.

قال إسحاق بن راهوية: معنى هذا الحديث – يعني حديث: عمرة في رمضان تعدل حجة - مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ: قل هو الله أحد، فقد قرأ ثلث القرآن. انتهى.

وحملَ بعض العلماء هذا الحديث على الخصوصية بتلك المرأة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، قال رحمه الله: معلوم أن مراده: أن عمرتك فى رمضان تعدل حجة معي، فإنها كانت قد أرادت الحج معه، فتعذر ذلك عليها، فأخبرها بما يقوم مقام ذلك، وهكذا من كان بمنزلتها من الصحابة، ولا يقول عاقل ما يظنه بعض الجهال أن عمرة الواحد منا من الميقات أو من مكة تعدل حجة معه، فإنه من المعلوم بالاضطرار أن الحج التام أفضل من عمرة رمضان، والواحد منا لو حج الحج المفروض لم يكن كالحج معه، فكيف بعمرة!! وغاية ما يحصله الحديث أن تكون عمرة أحدنا في رمضان من الميقات بمنزلة حجة. انتهى من مجموع الفتاوى. وانظر الفتوى: 54394.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني