السؤال
حياكم الله، وبارك الله بكم على جهودكم في خدمة الإسلام والمسلمين.
أعرف أن سؤالي طويل، لكن الغاية هي معرفة الحق والوصول إلى القول الفصل.
قرأت كتابا بعنوان "هداية السلطان لبلاد اليابان" ووجدت فيه بعض التساؤلات وأتمنى أن أجد جوابها لديكم.
فالكاتب يريد إثبات أن المذاهب هي بدعة، وأن متبعي المذاهب الأربعة ضالون، ولكن للأسف الشديد كل من استشهد كاتب المقال بهم قالوا على أن التعصب المذهبي هو المذموم، ولم يرد عن قول واحد منهم أنه قال إن المذاهب هي بدعة بحد ذاتها، وسأعرض بعض الأقوال هنا وأريد رأيكم الجميل ((ما بين الأقواس هو مقتبس من كلام صاحب المقال.
يستشهد الكاتب بمقولة الأئمة الأربعة ((وقالوا أيضًا إذا قلت قولاً فاعرضوه على كتاب الله وسنة رسول الله، فإن وافقهما فاقبلوه، وما خالفهما فردوه واضربوا بقولي عرض الحائط)).
السؤال: هل خالف الأئمة الأربعة كتاب الله تعالى، أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ أي هل سمعوا بآية أو بحديث ثم قالوا بخلافه؟
أيضا يستشهد بالحديث ((أخبر به الرسول الصادق الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ((ستفترق أمتي ثلاثا وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل من هم يا رسول الله؟ قال الذين على ما أنا عليه وأصحابي)).
السؤال: هل متبع أحد المذاهب الأربعة هو خارج عن الفرقة الناجية، وهو في النار؟ مع أني قرأت فتاوى من علماء أجلاء أن متبع أحد المذاهب لا يدخل ضمن الفرق الضالة، وبالتالي نستنتج من كلام كاتب المقال بأن الأئمة الأربعة على غير الطريق الصحيح. فهل يجوز ذلك؟
يقول الكاتب: ((وهذه المذاهب أمور مبتدعة حدثت بعد القرون الثلاثة)).
السؤال: أليست القرون الأولى كانت على بصيرة بحديث النبي وأحكام الإسلام، وبعدها بدأت تقل المعرفة بالحديث وجهل الناس بالأحكام، فاجتمعت الأمة على اتباع الأئمة، لأنهم جمعوا الأحكام وبسطوها للعامة؟ وهل كل الناس قادرون على استنباط الأحكام من الكتاب والسنة، أو قادرون على الاجتهاد بأمور أخرى.
يقول الكاتب ((إن الإنسان إذا مات هل يسأل في قبره أو يوم الحساب لم لم تتمذهب بمذهب فلان؟ أو لم لم تدخل في طريقة فلان؟ والله إنك لا تسال عن ذلك أصلاً، بل تسأل لم التزمت المذهب الفلاني؟! أو سلكت الطريقة الفلانية))؟
السؤال: والمعروف أن أسئلة القبر كما ورد في الحديث الصحيح: من ربك؟ ما دينك؟ ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ ما عملك؟
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل باتباع أحد المذاهب أمر بعبادة غير الله، أو اتباع لغير دين الإسلام؟ أو اتباع لغير منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أو العمل بغير ما شرعه الله لنا ورسوله؟
يقول الكاتب: ((فيا أيها المسلم ارجع إلى دينك! وهو العمل بظاهر القرآن والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة، والأئمة الصالحون، فإن فيها نجاتك وبه سعادتك)).
السؤال: متبع أحد المذاهب هو خارج من الدين أيعقل ذاك؟ وبكلامه: ((وما أجمع عليه السلف والأئمة الصالحون)) أليس أئمة المذاهب من السلف الصالح؟
يقول: ((اعلم أن المذهب الحق الواجب الذهاب إليه، والاتباع له إنما هو مذهب سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الإمام الأعظم الواجب الاتباع، ثم مذهب خلفائه الراشدين رضي الله عنهم)).
السؤال: من وجهة نظري هذه العبارة طامة كبرى، فنحن نقول مذهب الإمام الفلاني والإمام الفلاني، يعني هناك اختلاف بين الإمام الفلاني والإمام الآخر، فلو كانا صورة طبق الأصل لما سميا مذهبين مختلفين أليس ذلك صحيحا؟ إذا كيف يقال مذهب النبي صلى الله عليه وسلم ومذهب أصحابه؟ هل هناك فرق بين ما جاء به النبي وصحابته الطاهرين؟ فالنبي قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين بعدي، أو بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم وسار السلف على ذلك وجاء الأئمة الأربعة، وكانوا على ذلك، واختلفت الآراء ببعض الأحكام، كما ذكر، ولكن هذه الأحكام لم تكن خارجة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه، أليس كذلك؟
ثم بمعرض حديثه عن التابعين للمذاهب الأربعة يقول: ((وهذا هو طبق ما رواه الترمذي وغيره عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقرأ ((اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ))، فقلت: يا رسول الله! إنهم ما كانوا يعبدونهم، فقال صلى الله عليه وسلم: إنهم إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه، فذلك عبادتهم !!)).
والسؤال: سبحان الله يشبه الأئمة الأربعة بالأحبار والرهبان وأنهم يحللون ويحرمون على هواهم. فهل ذلك جائز؟
جزاكم الله الفردوس الأعلى.