الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم... وجوبها... وما يعين عليها

السؤال

أريد مساعدتكم، أحب الله حباً جماً ولكن لا أحب النبي كثيراً كما أشعر، فهل هذا خطأ؟ كيف أستطيع أن أحب النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرتكزات الإيمان، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" وهو في الصحيحين عن أنس.
ولما قال عمر رضي الله عنه: "لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي، قال له: والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر" رواه البخاري.

قال الخطابي في شرح الحديث: لم يرد به حب الطبع، بل أراد حب الاختيار، لأن حب الإنسان نفسه طبع، ولا سبيل إلى قلبه، قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تُفْنِيَ في طاعتي نفسك، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك.أ.هـ.
ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم محبة سنته، وقراءة حديثه، فإن من دخلت حلاوة الإيمان في قلبه إذا سمع كلمة من كلام الله تعالى، أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سُرَّ لها قلبه، واطمئن لها فؤاده.
يقول الإمام ابن القيم في شرح قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [الأحزاب:6] هو دليل على أن من لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى به من نفسه، فليس من المؤمنين، وهذه الأولوية تتضمن أموراً منها: أن يكون أحب إلى العبد من نفسه، لأن الأولوية أصلها الحب، ونفس العبد أحب إليه من غيره، ومع هذا يجب أن يكون الرسول أولى به منها، وأحب إليه منها... ثم قال: ويلزم من هذه الأولوية كمال الانقياد والطاعة والرضا والتسليم... ثم قال: ومنها: أن لا يكون للعبد حكم على نفسه أصلاً، بل الحكم على نفسه للرسول صلى الله عليه وسلم. ا.هـ.
ومما يورث في النفس محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم استشعار ما يلي:
1/ إحسانه صلى الله عليه وسلم إلينا - بعد إحسان الله - بتبليغ الرسالة ودلالتنا على الخير، وتحذيرنا من كل شر،فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وأعظم إحسان علينا بعد إحسان الله تعالى هو إحسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
2/ عظيم حرصه صلى الله عليه وسلم علينا، وعلى نجاتنا، قال تعالى في وصف رسوله صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128].
وقال تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) [الكهف:6]. وقال تعالى: (فلا تذهب نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) [فاطر:8].
وتأمل موقف رسول الله في يوم يشيب فيه الولدان، وتضع كل ذات حمل حملها، وتدنو الشمس من الرؤوس مقدار ميل، وأهل العزم من الرسل يقول كل واحد منهم في ذلك اليوم: نفسي نفسي، ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول: أمتي أمتي، ومما يعين على تحصيل حبه قراءة سيرته، فإن فيها من الأشياء التي تجعل المطالع يحبه ما لا يمكن حصره وذلك: من صبر وشجاعة في الحق ، وقوة يقين بالله، وكرم، وإيثار، وحلم، وأناه ، وترفع عن غير اللائق، وغير ذلك.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني