الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تفضيل الأب أولاده من إحدى الزوجتين على الأخرى

السؤال

لقد تزوج والدي على والدتي بامرأة تصغره وهي بعمر ولده الثاني، ولم يكن منصفاْ في النفقة ولا في المبيت، وعذره أن والدتي لا تحب الجماع هداه الله. شيخي الكريم، والدتي توفيت منذ سنوات- رحمها الله وموتى المسلمين- وارتاحت من الضيم الذي كانت تلقاه والحمد لله, إلا أن أبي مازال يفرق في الصرف على بناته من والدتي وأخواتي الأخريات وأمهم, والمؤسف أنه يستخدم الكذب والكتمان في الصرف على أولاده وبناته من الزوجة الثانية حتى تعلَموا ذلك منه، فهو يشتري السيارات، و يزوجهم، ويسكنهم في الشقق التي يملكها، ويحاول كتمان ذلك ما استطاع, ولا يعلم أن ذلك يورث الكراهية بين الأرحام لا سمح الله. شيخي الكريم، لقد علمت بأنه ينوي -وربما فعل- كتابة بعض مايملك من عقار ومنزل لزوجته عن طريق الييع الكاذب وتوثيقه لدى المحكمة، بحجة تأمين المستقبل لها وأبنائها. السؤال: هل يقر الشرع ذلك ويمضيه؟ والخوف من القطيعة والكره الذي سيحدث لا سمح الله بيننا، فنحن أربعة أولاد وأربع بنات من الزوجة الأولى -رحمها الله- إخواني من الزوجه الثانية خمسة أولاد وخمس بنات, أطال الله في عمر أبينا وأحسن خاتمتنا أجمعين.
أرجو الجواب والنصيحة وجزاك الله عنا خيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء لا حرج على الرجل أن يتزوج امرأة تصغره ولو كانت في سن أبنائه وبناته، وهذا أمر جائز في الشرع فلا داعي لانتقاد من فعله، كما أن تعدد الزوجات جائز في أصل الشرع ولا يعد ظلما للزوجة الأولى

وأما ما ذكره السائل عن أبيه من أنه غير منصف في النفقة ولا في المبيت، فلا شك في أن العدل بين الزوجات واجب في المبيت، والنفقة الواجبة، على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 49632.

وكذا ما ذكره عنه أنه يفضل أولاده من الزوجة الثانية بالعطية والهبات فيشتري لهم السيارات ونحو ذلك، فلا شك أن هذا جور في العطية ومخالفة للعدل الذي أمر الله به في كتابه، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.

والواجب على والدكم التوبة إلى الله تعالى والعدل بين الأولاد، فإما أن يهب لأولاده الذين حرمهم ما يتحقق به العدل، أو يرد ما وهبه لأولاده الذين فضلهم، فإن لم يعدل فالهبة التي وهبها لبعضهم دون بعض تعتبر هبة باطلة كما فصلناه في الفتويين رقم: 110480، 107734.

وأما ما تخشونه من والدكم أن يكتب ممتلكاته باسم زوجته، أو يبيعه لها بيعا صوريا، فقد سبق لنا أن بينا أن مثل هذه الكتابة لا عبرة بها، ولا يصير بها البيت ملكا للزوجة، لأن الزوج بهذه الكتابة إنما يريد تمليك زوجته بعض العقار بعد موته وهذه تعتبروصية لوارث وهي ممنوعة شرعا إلا إذا رضي الورثة بإمضائها، وانظر التفصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 27738، 62291، 106777، 112584.

والذي نوصيكم به هو أن تبينوا لأبيكم برفق وحكمة وجوب العدل بين الأولاد- ذكورا وإناثا- في العطية، وأنه لا يجوز أن يؤثر بعضهم على بعض من غيرمسوغ شرعي، وأنه إن فعل ذلك فالهبة باطلة شرعا ويجب ردها بعد مماته إلى التركة، فعليه أن يتقي الله تعالى فإن الله سائله عن ذلك فإن استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فيجب عليكم بره ويحرم عليكم عقوقه، وظلم الوالد لا يسوغ عقوقه ومقاطعته، وللأهمية نحيلك إلى الفتوى رقم: 118171، حول تزويج الوالد بعض أولاده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني