السؤال
أحرمت للعمرة من جدة وبسبب الزحام وخوفاً على أطفالي لم أقم بمناسك العمرة (لم أقم بالطواف ولا السعي) وعند عودتي قمت بقص شعري لفك الإحرام، فماذا علي أن أفعل وما حكم ما فعلت، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.
أحرمت للعمرة من جدة وبسبب الزحام وخوفاً على أطفالي لم أقم بمناسك العمرة (لم أقم بالطواف ولا السعي) وعند عودتي قمت بقص شعري لفك الإحرام، فماذا علي أن أفعل وما حكم ما فعلت، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد وقعت في جملة من الأخطاء، ولم ينشأ هذا إلا عن جهلك بأحكام الشرع، ولذا فنحنُ نهيب بالمسلمين جميعاً أن يجتهدوا في تعلم أحكام الدين ليأتوا ما يأتوا ويذروا ما يذروا على بينة، فما وقع من الغلط إحرامك من جدة إلا أن تكوني من أهلها أو مررت على الميقات لا بقصد العمرة، ثم بدا لك وأنت في جدة أن تعتمري، أما إن كنت قد مررت بالميقات وأنت تريدين العمرة ثم تركت الإحرام منه حتى أحرمت من جدة فقد لزمك دم يذبح ويوزع على فقراء الحرم، لأن الإحرام من الميقات واجب يجبر تركه بدم، وانظري لذلك الفتوى رقم: 121787.
ومما أخطأت فيه أيضاً تركك إتمام النسك، ورجوعك إلى بلدك وتعللك بالخوف على الأطفال ليس بعذر يبيح لك ترك إتمام النسك، فإن زمن النسك ليس بالطويل، وقد كان يمكنك أن تتركيهم عند ثقة يحفظهم أو تستأجري من يقوم بذلك حتى تطوفي وتسعي، أما وقد فعلت ما فعلت ورجعت إلى بلدك دون إتمام النسك، فاعلمي أنك باقية على إحرامك، والواجب عليك أن تكفي عما يكف عنه المحرم من قص الشعر وتقليم الأظافر والتطيب، ولا يقربك زوجك وغير ذلك من محظورات الإحرام.
والواجب عليك الآن أن تقصدي مكة فتطوفي وتسعي ثم تتحللي، لأن العمرة والحج يلزمان بالشروع فيهما، فلا يجوز رفضهما لقوله تعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ... {البقرة:196}، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: فأمر بإتمام الحج والعمرة وظاهر السياق إكمال أفعالهما بعد الشروع فيهما، ولهذا قال بعده: (فإن أحصرتم) أي: صددتم عن الوصول إلى البيت ومنعتم من إتمامهما، ولهذا اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم، سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها. انتهى.
وما ارتكبته من المحظورات في تلك الفترة فما كان منه من باب الإتلاف كقص الشعر وتقليم الأظافر فتجب فيه الفدية، وما كان من باب الترفه كالطيب واللباس فلا تجب فيه الفدية، قال النووي رحمه الله: قال إمام الحرمين والبغوي وآخرون في ضابط هذه المسائل إذا فعل المحرم محظوراً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً فإن كان إتلافاً كقتل الصيد والحلق والقلم فالمذهب وجوب الفدية وفيه خلاف ضعيف سبق بيانه وإن كان استمتاعاً محضاً كالطيب واللباس ودهن الرأس واللحية والقبلة واللمس وسائر المباشرات بالشهوة ما عدا الجماع فلا فدية وإن كان جماعاً فلا فدية في الأصح. انتهى..
فإن عجزت عن الرجوع إلى مكة لإتمام العمرة فلك أن تتحللي تحلل المحصر، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 34247.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني