الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من إساءة الظن بامرأة اختطفتها عصابة مجرمة

السؤال

امرأة متزوجة كانت مسافرة مع زوجها. تركها بمحطة الحافلات وذهب يشتري بعض اللوازم. ولما رجع لم يجدها. بحث عنها طويلا وأعلم مركز الشرطة، وأعلم أهله وأهلها، طفق الجميع يبحثون عنها. وبعد مدة شهر رجعت إلى زوجها وهي في حالة نفسية وصحية متدهورة جدا.
أعلنت وبتأثر شديد أنه اختطفتها عصابة إجرامية. ومنذ كل تلك الفترة كانت تحاول الإفلات من تلك العصابة. فأعانها الله العلي القدير ونجت بروحها.
لكن بعض أهل السوء ينفثون في آذان زوجها وأبيه أن هذه السيدة لم تعد صالحة كزوجة، مع العلم أنه ليس لها ذنب ولا يد فيما حصل لها. سيدي الفاضل أرجوك أن توجه نصيحة الإسلام الحنيف بالخصوص وأستسمحك على هذا الإلحاح كي توجه هذه النصيحة الغالية (لزوجها ولوالده)كي يرعويا ويحفظا هذه المسكينة؟
ولا سيما أن هذين الآخرين جعلا يلمحان بكلام بذيء، وأحيانا يعيرانها وكأنها قامت بخيانة زوجها.هذا ومع العلم أن أولئك المغرضين ينفثون في روع زوجها وأبيه أنه من المؤكد قد اغتصبها أولئك المختطفون. سيدي الفاضل أريد أن أحمل جوابكم إلى زوجها وأبيه(لأنهما من عائلتي)بنفسي أبتغي المساعدة على إبقاء هذه المسكينة في منزلها، وأن لا تصبح مشردة مقهورة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا في سعيك في سبيل الخير، ونسأله سبحانه أن يكتب لك ذلك في ميزان حسناتك.

وينبغي أن يعلم أن الأصل في المسلم السلامة، وأن الواجب حسن الظن به ما لم يتبين أن الأمر على خلاف ذلك، فلا يجوز أن يساء الظن بهذه المرأة من قبل زوجها أو أبيها أو غيرهما، ونذكرهما بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12}.

والأمر أخطر والذنب أعظم إذا اتهمها أحد بفعل الفاحشة اختيارا من غير بينة، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ {النور:23-25}.

ولو فرضنا أن هذه المرأة قد فعل بها هؤلاء المجرمون الفاحشة، وكانت مكرهة على ذلك، فإنها لا يلحقها إثم، لأن التكليف مرفوع بمثل هذا الإكراه، كما بينا بالفتوى رقم: 36899. وهنالك أحكام أخرى تتعلق بالزوجة المغتصبة فمن المهم مراجعتها بالفتوى رقم: 97924.

والقول بأن هذه المرأة لا تصلح زوجة لمجرد هذا الأمر الذي حدث لها قول مجانب للصواب لا يجوز الالتفات إليه، وننصح بأن يستعان ببعض أهل العلم وأهل الفضل والعقلاء من أهل الزوج وأهل الزوجة لتدارك الأمر ولئلا يحدث ما لا تحمد عقباه.

وننبه إلى وجوب الحذر من وجود المرأة في أماكن يمكن أن تتعرض فيها لشيء من الخطر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني