الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الكفر والمعاصي الغليظة

السؤال

أنا إنسان كثرت فيه الأغلاط والمعاصي، وتعديت حدود الله عزوجل وأنا نادم على أعمالي وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد كنت أجامع الحيوانات، وأشاهد صور الأولاد وأقول لهم: أنتم الله. وبعد أن يقذف المني أرجع إلى عقلي وأستغفر الله ،في وقت ممارسة العادة السرية لا أعرف ماذا أفعل ولا أعمل حسابا لشيئ مهما كان كبيرا أوصغيرا، وبعد أن يقذف المني أشعر بمصيبة كبيرة، قد فعلتها من كفر وضلال، أنا في مصيبة كبيرة لم أشعر بنفسي، أنا نادم على فعلي هذا. وأرجو من الله أن يغفر لي وإن كان هناك طريق للتوبة أرجوكم أن تساعدوني بها. وهل لي توبة عند الله عز وجل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك من هذا الكفر والغي، فلا ريب أن مقولة: أنتم الله. وكون السائل حين اقتراف هذه المعصية ـ على حد قوله ـ لا يعمل حسابا لشيء مهما كان كبيرا أو صغيرا، من الضلال المبين، وهي أمور يقشعر الجلد من هولها وفظاعتها، وهكذا دائما خطوات الشيطان، يبدأ بالمعاصي صغيرها ثم كبيرها، حتى يوقع الإنسان في الكفر الأكبر إن استطاع، كما قال تعالى: كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. {الحشر: 16}.

ولكن الحمد لله الذي كتب على نفسه الرحمة فوسعت كل شيء. قال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {الأنعام: 54}.

وقال تبارك وتعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا. {النساء: 110}.

وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. {الزمر : 53}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.

فتب ـ أخي الكريم ـ توبة نصوحا جامعة لشروط قبولها، من الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفا من الله تعالى وتعظيما له وطلبا لمرضاته، والعزم الصادق على عدم العودة إليها أبدا. ولا شك ـ إن شاء الله ـ أنك إن استقمت على توبتك وبدلت سيئاتك بحسنات أن الله الكريم سيقبلك ويرحمك. قال تعالى: وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.{الأعراف: 153}. وراجع لزاما الفتوى رقم: 112696.

وقد سبق الكلام على كبيرة إتيان البهائم، وبيان حكم العادة السرية، في الفتويين: 28444، 7170.

وعليك بالمبادرة بالزواج، فإن كنت عاجزا فواظب على الصيام وذلك امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني