السؤال
أنا سيدة متزوجة ولدي أطفال صغار, ولى شقيق واحد، بعد زواجه أراد شراء سيارة ليذهب هو وزوجته إلى عمله ولقضاء الضروريات و التنزه، وكان لأمى مبلغ مالي فأعطته إياه فأكمل بما كان معه واشتراها, قالت لي أمي إن لى ثلث هذا المبلغ، عندما تتيسر أمورها ستعطيني إياه، وإذا توفيت فسيقضيه أخي، وقد عرض أن يكتب السيارة باسمى حفظا لحقي ولكني رفضت وباركت له بالسيارة، لكني في قرارة نفسي أشعر بالظلم، حدث ذلك منذ عامين ولم آخذ شيئا، حتى لو أعطتني الثلث فيكون نصيبى الربع، حتى لوأخذت نصف ما أخذ أخي فهذا ليس ميراثا، كنت أتمنى لو قسمت المبلغ بيننا، فكنت سأشتري سيارة صغيرة. فأنا الآن في إجازة من عملي لكن وقتها كنت أتنقل بين مواصلتين فى الذهاب ومثلهما فى العودة، وأحتاجها للتنقل أنا وأطفالي عندما يسافر زوجي، البيت لا يحتاج لراتبي وقد نصحني زوجي أن أستعمل مواصلة واحدة خاصة, لكن ذلك سيستهلك معظم الراتب، تظن أمي أنها عندما تعطيني ثلث ما أخذ أخي ولو بعد حين تكون عدلت بيننا . حيائي يمنعني أن أحدثها أو أوسط أحدا.أشيروا علي أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الأم أن تعدل بين أولادها في العطية على الراجح، وتفضيل بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو ظلم. لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإنى لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد : إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
فالأم كالأب في ذلك. لكن ما ظهر من السؤال يفيد أن نية الأم هنا حسنة وأنها إنما خصت الابن لحاجته، وإن كان كذلك فلا ظلم فيما فعلت ولا يلزمها أن تعطي البنت مثلما أعطت للابن على الراجح، لأن التخصيص هنا لمسوغ معتبر كما اتضح، مع أنها قد وعدت البنت بعطية وإن كانت أقل مما أعطت للابن، ولاحرج في ذلك إن كان التفضيل لمسوغ كما ذكرنا، وأما إن كان لغير مسوغ فلا يجوز ولا بد من العدل، لكن القائلين بوجوب العدل قد اختلفوا في كيفية العدل بين الذكر والأنثى في العطية، فمنهم من قال الحكم هنا كالحكم في التركة أن يعطى الذكر ضعفي ما للأنثى ومنهم من قال لا، بل يسوي بين الذكر والأنثى في العطية لقوله صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحداً لفضلت النساء. أخرجه سعيد بن منصور، والبيهقي من طريقه وحكم الحافظ في الفتح بأن إسناده حسن.
والقول الأخير هو الأظهر، وعليه لايتحقق العدل هنا إن كان التفضيل لغير مسوغ إلا إذا أعطت الأم ابنتها مثلما أعطت للولد، وأما إن كان التفضيل لمسوغ كما ذكرنا فلا إشكال.
وننصح السائلة الكريمة ألا يكون في نفسها على أمها أوأخيها شيء لما ظهر من حسن نياتهما، فقد وعدت الأم بعطية وإن كانت أقل ، وعرض الأخ تسجيل السيارة باسمك إعرابا عن حسن النية وصدق الوعد، ثم إنك ذات شغل وزوج تستطعين أن توفري حاجتك بنفسك وتعيني أخاك وتحسني إلى أمك بصلتها بالمال وغيره. فالأولى أن تبرئي ذمة أمك من ذلك الالتزام الذي وعدتك به مبالغة في برها والإحسان إليها. وللمزيد انظري الفتاوي الآتية أ رقامها : 6242 ، 119572، 43958.
والله تعالى أعلم .