الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من صار سب الدين عادة له

السؤال

هل يعتبر الذي يسب الدين كافرا كفرا أكبر مخرجا من الملة لا بد لفاعله أن يدخل في الدين مرة أخرى؟ والذي يتكرر منه هذا الأمر فأصبح عادة له ما حكمه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 133، بيان أن أهل العلم قد أجمعوا على أن سب الدين كفر بالله عز وجل، فإذا وقع من مسلم فقد ارتد عن الإسلام والعياذ بالله، ولا يعذر بالجهل.

وعلى ذلك فمن سب الدين -والعياذ بالله- وجب عليه أن يراجع دينه مرة أخرى بتوبة صادقة، والذي ننصح به من وقع في ذلك أن يغتسل ويشهد الشهادتين ويتوب إلى الله تعالى، وأن يكثر من الاستغفار والعمل الصالح، وأن يعلم أن باب التوبة مفتوح أمام العبد من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها.

قال الشيخ ابن باز في فتاوى نور على الدرب: أجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين أو تنقصه، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتقصه، أو استهزأ به؛ فإنه يكون مرتدا كافرا حلال الدم والمال، يستتاب فإن تاب وإلا قتل. وبعض أهل العلم يقول: لا توبة له من جهة الحكم بل يقتل، ولكن الأرجح إن شاء الله أنه متى أبدى التوبة وأعلن التوبة ورجع إلى ربه عز وجل أن يقبل، وإن قتله ولي الأمر ردعا لغيره فلا بأس، أما توبته فيما بينه وبين الله فإنها صحيحة، إذا تاب صادقا فتوبته فيما بينه وبين الله صحيحة. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: الاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة، ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه؛ لقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. فإذا تاب الإنسان من أي ردة توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة فإن الله تعالى يقبل توبته اهـ.

والذي يكرر هذا الأمر حتى أصبح عادة له هو على خطر عظيم، ومع ذلك فإن خُتم له بتوبة نصوح قبلت منه، وقد سبق أن بيَّنا أن تكرر الردة لا يؤثر في قبول التوبة في الفتوى رقم: 51043.

- وأما اختلاف العلماء في قبول توبة من تكررت ردته فإنما هو في قبول توبته في الظاهر، أما في ما بينه وبين الله فإن حقق شروط التوبة فإنها مقبولة، وراجع في ذلك الفتويين: 54989، 118361.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني