السؤال
أستفتي سيادتكم في موضوع حدث بيني و بين أخي: سنة 2002 رجعنا من الولايات المتحدة للاستقرار في مصر موطننا، كان أخي ميسور الحال، وكان يريد بناء منزل للمعيشة على 2000 متر، مع العلم أن الحكومة المصرية جهزت أراضي للبناء مقسمة إلى قطع كل منها 500 متر، وليس للمواطن الحق في شراء أكثر من قطعة واحدة مدى حياته، وطلب مني أخي خدمة، أن يشتري قطعة باسمي، وأن أتنازل له عنها لبناء بيت أحلامه وبالفعل استطاع أن يشتري 4 قطع باسمه واسمي واسم زوجته واسم أختي لبناء بيت أحلامه و ليس للتجارة، مع العلم أنه يعمل بمجال العقارات بالخارج.
كانت العلاقة جيدة بيني وبين أخي في هذه الأثناء، وكان قد وعدني بأن البيت سيكون مفتوحا لي ولأطفالي للاستفادة من حمام السباحة، وأيضا وعدني أن يدخل شريكا معي في عملي وتمويل شركتي الصغيرة.
مرت الأيام وساءت العلاقة بيننا، ورجع في وعده بالدخول كشريك معي، وكان هذا عاملا من عوامل وقوع الشركة وإغلاقها وغرقي في الديون الناتجة عن ذلك، وفي نفس الوقت علت أسعار الأراضي 6 أضعاف، فقرر أخي دون الرجوع إلي تحويل الأرض إلى تجارة ليس منفعة خاصة، كما كان الأساس الذي وافقت بناء عليه أن أتنازل له عن حقي الذي أعطته لي الدولة، فأنا لم أوافق على التنازل لأجل أن يزيد أخي ثراء، ولكن تنازلت مساعدة له كي يستطيع أن يستقر في مصر.
الآن السؤال: هل أساس اتفاقنا وهو أن أتنازل له عن حقي الذي منحته لي الدولة ليبني بيتا للمعيشة، وليس للاتجار يعتبر عقدا أم لا؟
هل لي الحق في مطالبته بنصف الربح الناتج عن بيعه للأرض التي اشتراها على اسمي بناء علي أنه لم يلتزم بأساس الاتفاق بيننا أم لا؟
أفيدونا أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الدولة تعطي الحق لكل أحد من مواطنيها في امتلاك قطعة أرض واحدة باسمه دون اشتراط وصف فيه كفقر ونحوه، وقد تنازلت لأخيك عن حقك في امتلاك قطعة أرضية باسمك ووهبته ذلك الحق دون شرط فليس لك الرجوع عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه. متفق عليه.
ولو كان غرضه من الأرض ابتداء هو استغلالها في السكن، ثم بدا له أن ينتفع بثمنها أوغير ذلك، فلا حرج عليه إذ له التصرف فيها كيف يشاء، وليس لك مطالبته بنصف ثمن الأرض أو ما ربحه فيها، إذ هي ملك خالص له. لكن ينبغي أن يحسن إليك كما أحسنت إليه، ويعينك في سداد ديونك وقضاء التزاماتك التي كان سببا فيها، أو في بعضها لتراجعه عن وعده بالشراكة معك كما ذكرت.
وأما إذا كانت الدولة إنما تمنح ذلك الحق لمن يملكه في خاصة نفسه لفقر أو صفة معينة، وليس له التصرف فيه ببيع أو هبة أوغيرها، بل يأخذه إن احتاج إليه أو يدعه للدولة لتصرفه إلى مستحق غيره، إن كان الأمر كذلك فتنازلك لأخيك غير صحيح، ولابد من الرجوع إلى الدولة والجهة المسؤولة كي تأذن في ذلك أو تسترد الأرض. وللمزيد حول حق التنازل عن الحقوق المعنوية انظر الفتويين : 46177، 22157.
والذي ننصح به هو محاولة الإصلاح بينكما، وتوسيط بعض من لهم وجاهة عنده من الأهل والأصدقاء والمشايخ، ونحوهم للسعي في إزالة ما بينكما من جفاء، وليحل محل ذلك روح المودة والإخاء.
ولابد من التغاضي عما يمكن التغاضي عنه من هفوات الأخ وزلاته، وعدم محاسبته على كل صغيرة وكبيرة حفاظا على الأخوة وقد قيل.
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
والله أعلم.