السؤال
شيخي الفاضل، حصلت بيني وبين صديقي مناقشة حول زيارة العتبات المقدسة، فصديقي من أهل البدع وأنا من أهل السنة والجماعة. فأنا قلت له يقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: لا تشد الرحال إلا الى ثلاث: المسجد الحرام، ومسجدي هذا إلى آخر الحديث. فالنقاش كان حول زيارة مرقد حسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء، فأنا قلت له لا يجوز فهو عندها يقول: إذا كان ابنك أو أخوك قبره في مكان بعيد. فهل تذهب إليه أم لا ؟ فأريد منكم بيانا لكي أوضحه له بأن زيارة قبر الأهل يختلف عن هذه المراقد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشتان ما بين زيارة المرء للقبور زيارة شرعية، لتذكر الآخرة والدعاء للأموات، وبين الزيارة البدعية لدعاء الموتى وطلب الحاجات منهم، أو الإقسام بهم على الله، أو لاعتقاد أن الدعاء عند قبر أحدهم أفضل وأحرى بالإجابة من الدعاء في المساجد والبيوت، ونحو ذلك.
فالزيارة الشرعية: هي من جنس الإحسان إلى الميت بالدعاء له.
وأما الزيارة البدعية فهي من أسباب الشرك بالله تعالى ودعاء خلقه وإحداث دين لم يأذن به الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فالزيارة البدعية مثل قصد قبر بعض الأنبياء والصالحين للصلاة عنده، أو الدعاء عنده أو به، أو طلب الحوائج منه أو من الله تعالى عند قبره، أو الاستغاثة به، أو الإقسام على الله تعالى به ونحو ذلك هو من البدع التي لم يفعلها أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا سن ذلك رسول الله ولا أحد من خلفائه الراشدين بل قد نهى عن ذلك أئمة المسلمين الكبار.
وإذا تأملت في هذه المظاهر المذكورة للزيارة البدعية وجدتها تنطبق على ما يفعله أولئك وغيرهم من أهل البدع، بل ويضاف إليها أيضا ما يقوم به البعض منهم من سب للصحابة رضوان الله عليهم، الذين قال
فيهم النبي عليه الصلاة والسلام: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. متفق عليه.
وبذلك يتضح لك الفرق جليا بين زيارتك لقريبك الميت، وبين زيارتهم لتلك المراقد.
وأما مسألة شد الرحال لزيارة القبور، فالراجح فيها المنع عموما، سواء في ذلك قبور الأنبياء والصالحين وقبور عامة الناس. لكن يتأكد المنع من السفر إلى تلك المراقد أكثر منه إلى غيرها، وإن كان أصل الحكم عاما، وقد سبق بيان ما في ذلك من مفاسد.
ويشرع الدعاء للميت والاستغفار له والتصدق عنه، وزيارة قبره عندما تكون قريبا منه، بدون شد الرحل إليه.
وانظر للفائدة الفتويين: 98550، 30152.
والله أعلم.