السؤال
نظرا لتداخل الفتاوى أود معرفة كم عدد سنين الزكاة عن والدي الذي توفى في صفر1430هـ، وقد علمت أنه لم يدفعها منذ تاريخ عودته من الخارج في جمادى الاخر1424هـ.
وقد أفادت دار الإفتاء بالإسكندرية أن الزكاة تكون عن سنة واحدة عند سؤالهم، ولا أعلم السبب.
والبعض أفاد بأداء الزكاة عن الفترة ككل وهي 5 سنوات، لأن العام السادس هجريا لم يتم وقت وفاة الوالد. والبعض أفاد بأن الزكاة تكون عن الفترة ككل 6 سنوات. وهل تحتسب الزكاة على أساس تناقصي مثلا بمعنى أن الزكاة عن 100ألف مثلا في أول سنة تكون الزكاة على 97.5 للعام الثاني والثالث تكون 95؟ لذا أرجو الإفادة بعدد السنين وكيفية حساب الزكاة على السنين بتفصيل أكثر بعد إذنكم لأن كل أسئلتي بهذا الخصوص يتم الرد عليها باختصار شديد ولا أدرك منها شيئا؟
أفادنا وأفادكم الله بعلمه.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قصر والدكم رحمه الله وعفا عنه بتركه إخراج الزكاة الواجبة عليه مدة هذه السنين، فينبغي أن تجتهدوا في الاستغفار له وسؤال الله تعالى أن يعفو عنه، ثم عليكم أن تبادروا بإخراج زكاة جميع السنوات التي ترك أبوكم إخراجها، فإنها دين في ذمته لا يبرأ عند الله إلا إذا أديت عنه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه. وهذا مذهب جمهور أهل العلم، والزكاة لا تسقط بالتقادم كما هو معلوم، وانظر الفتوى رقم: 122422. والواجب عليكم أن تخرجوا زكاة خمس سنين لأن الحول السادس لم يحل على المال وهو في ملك أبيكم وحولان الحول شرط في وجوب الزكاة.
وأما عن كيفية إخراج الزكاة وهل يخصم القدر المخرج عن كل سنة ممّا يخرج عن السنة التالية؟ فهذا ينبني على خلاف الفقهاء هل الزكاة تجب في عين المال أو تجب في الذمة؟ فإن قلنا هي في عين المال فإنكم تخصمون ما يجب إخراجه عن السنة الأولى ممّا تخرجونه عن الثانية وهكذا حتى تستوفوا المدة أو ينقص المال عن النصاب، وإن قلنا هي في الذمة فإنكم تخرجون زكاة جميع السنين عن جميع المال، ولا شك في أن القول الثاني أحوط، وقد رجح العلامة العثيمين أن الزكاة تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة.
قال صاحب زاد المستقنع: وتجب الزكاة في عين المال، ولها تعلق بالذمة. انتهى.
قال الشيخ العثيمين: فقال بعض العلماء: إنها واجبة في الذمة، ولا علاقة لها بالمال إطلاقاً. بدليل أن المال لو تلف بعد وجوب الزكاة لوجب على المرء أن يؤدي الزكاة، وقال بعض العلماء: بل تجب الزكاة في عين المال، لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه لليمن: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم. فالزكاة واجبة في عين المال.
وكلا القولين يرد عليه إشكال، لأننا إذا قلنا: إنها تجب في عين المال صار تعلقها بعين المال كتعلق الرهن بالعين المرهونة، فلا يجوز لصاحب المال إذا وجبت عليه الزكاة أن يتصرف فيه، وهذا خلاف الواقع، حيث إن من وجبت عليه الزكاة له أن يتصرف في ماله، ولو بعد وجوب الزكاة فيه لكن يضمن الزكاة.
وإذا قلنا: بأنها واجبة في الذمة، فإن الزكاة تكون واجبة حتى لو تلف المال بعد وجوبها من غير تعد أو تفريط وهذا فيه نظر أيضاً، فالقول الذي مشى عليه المؤلف قول جامع بين المعنيين، وهو أنها تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة، فالإنسان في ذمته مطالب بها، وهي واجبة في المال، ولولا المال لم تجب الزكاة فهي واجبة في عين المال. انتهى.
وقال أيضاً: ينبني على الخلاف في تعلق الزكاة بالمال أو بالذمة عدة مسائل ذكرها ابن رجب في القواعد، أوضحها: لو كان عند إنسان نصاب واحد حال عليه أكثر من حول، فعلى القول بأنها تجب في الذمة يجب عليه لكل سنة زكاة، وعلى القول بأنها تجب في عين المال، لم يجب عليه إلا زكاة سنة واحدة السنة الأولى لأنه بإخراج الزكاة سينقص النصاب، فإذا كان عند الإنسان أربعون شاة سائمة ومضى عليه الحول ففيها شاة، وبها ينقص النصاب لأن الزكاة واجبة في عين المال، أما إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة فإنها تجب في كل سنة شاة. انتهى.
والله أعلم.