الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم تخيل فتاة غير موجودة في الحقيقة

السؤال

أنا شاب أتخيل في نفسي فتاة أحبها و تحبني وهي غير موجودة في الحقيقة، وأفعل ذلك لكي لا أرتبط بفتاة حقيقية. فهل يجوز لي فعل هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ينبغي للمسلم أن يسلم قلبه وفكره لمثل هذه الخيالات الفاسدة التي هي في الحقيقة مجرد سراب ووهم ولن يجني منها إلا تعب القلب وقلق النفس, واعلم أيها السائل أن هذه الخواطر أفسد شيء للقلب, وإذا استرسل صاحبها معها فإنها تتزايد وتتعاظم وينميها الشيطان حتى تستولي على قلبه ثم تخرج من نطاق القلب إلى الجوارح.

وظنك أن هذا الفعل الذي تتخيله سيعصمك من الوقوع في العلاقة بفتاة أجنبية ظن خاطىء, بل إن هذا الذي تفعله لهو من أكبر الأسباب التي تجر إلى العشق والعلاقات المحرمة, لأن الخاطرة إذا تمكنت من القلب واستحسنها فإنه ينقلها إلى حيز الجوارح ولا بد.

يقول ابن القيم رحمه الله: دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها. انتهى.

ويقول في موضع آخر: وأول ما يطرق القلب الخطرة فإن دفعها استراح مما بعدها وإن لم يدفعها قويت فصارت وسوسة فكان دفعها أصعب، فإن بادر ودفعها وإلا قويت وصارت شهوة، فإن عالجها وإلا صارت إرادة، فإن عالجها وإلا صارت عزيمة، ومتى وصلت إلى هذه الحال لم يمكن دفعها واقترن بها الفعل ولا بد. انتهى.

من هنا نعلم خطورة هذه الخواطر والأفكار الرديئة, وكونها ذريعة قوية للوقوع في المحرم, فالواجب على العاقل - إن هي عرضت له - أن يدفعها عن نفسه بكل سبيل لا أن يستدخلها على قلبه حتى تفسده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني