السؤال
كنت ألبس الجورب (الشراب) من غير وضوء، وعندما يأتي وقت الصلاة أتوضأ فأخلع الجورب من على الرجل اليمنى فأغسلها ثم ألبس الجورب ثم أخلع الآخرى من على اليسرى فأغسلها ثم ألبس الجورب، وعندما يأتي وقت الصلاة التي تليها أمسح على الجورب باعتبار أني لبسته على طهارة. وقرأت فتوى بأن المسح عليه بهذه الطريقة لا يجزئ لأني لبست الجورب الأول على اليمنى قبل أن تكتمل الطهارة وكل هذا كان جهلا مني. سؤالي: ماذا أفعل بشأن الصلوات التي أديتها بهذا الشكل هل أعتبر أني أديتها من غير وضوء؟ وهل علي إثم؟ وهل يلزمني إعادتها خاصة أني لا أعرف عددها فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة وهي إذا ما غسل إحدى رجليه ثم أدخلها الخف ثم غسل الأخرى ثم أدخلها الخف هل يجوز له المسح عليهما بعد أو لا؟ ومأخذ من قال لا يجوز المسح عليهما -وهم الجمهور- ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين. واستدل من قال بجواز المسح والحال هذه بنفس الحديث.
وقد بين ذلك الشوكاني رحمه الله فقال كما في شرح المنتقى: وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح صرح بذلك النووي وغيره.. قال في الفتح: عند الأكثر وأجاز الثوري والكوفيون والمزني ومطرف وابن المنذر وغيرهم أنه يجزئ المسح إذا غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم الأخرى لصدق أنه أدخل كلا من رجليه الخف وهي طاهرة. وتعقب بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الواحدة واستضعفه ابن دقيق العيد لأن الاحتمال باق. إلخ. انتهى. وقد أوضحنا خلافهم في الفتوى رقم: 93977 فانظرها.
وممن اختار جواز المسح قبل إكمال الطهارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال كما في الفتاوى الكبرى: وكذلك اتفق الفقهاء على أن من توضأ وضوءاً كاملاً ثم لبس الخفين جاز له المسح بلا نزاع، ولو غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف ثم فعل بالأخرى مثل ذلك ففيه قولان، هما روايتان عن أحمد وإحداهما: يجوز المسح وهو مذهب أبي حنيفة. والثانية: لا يجوز، وهو مذهب مالك والشافعي. والقول الأول هو الصواب بلا شك.. ثم أطال رحمه الله في الاستدلال لهذا القول بما تحسن مراجعته. فإذا تبين لك هذا وعلمت بأن جواز المسح في الحال المذكورة قول قوي له اتجاهه، وهو قول من عرفت من الفقهاء، فليس عليك إعادة شيء مما مضى من الصلوات وعليك فيما يستقبل أن تحرص على الخروج من خلاف العلماء فتكمل الطهارة قبل إدخال رجليك الخف، وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 125010 خلاف العلماء في من فعل مبطلا للصلاة جاهلاً وذكرنا أن ما كان مختلفاً فيه من المسائل أولى أن يعذر فيه الجاهل، وذكرنا نصوص أهل العلم في جواز الفتيا بالقول المرجوح والحال هذه فانظرها، ثم إن أردت القضاء احتياطاً وخروجاً من الخلاف فلا بأس وطريق ذلك أن تتحرى فتقضي من الصلوات ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، ويكون ذلك حسب الطاقة لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.